وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} أي ننتظر به حوادث الدهر ،حتى يحدث له منها الموت ،فالمنون: الدهر ،وريبه: حوادثه التي يطرأ فيها الهلاك والتغيير ،والتحقيق أن الدهر هو المراد في قول أبي ذؤيب الهذلي:
أمن المنون وريبه تتوجع *** والدهر ليس بمعتب من يجزع
لأن الضمير في قوله: وريبه يدل على أن المنون الدهر ،ومن ذلك أيضاً قول الآخر: تربص بها ريب المنون لعلها *** تطلق يوماً أو يموت حليلها
وقال بعض العلماء: المنون في الآية الموت ،وإطلاق المنون على الموت معروف في كلام العرب ،ومنه قول أبي الغول الطهوي:
هم منعوا حمى الوقبي بضرب *** يؤلف بين أشتات المنون
لأن الذين ماتوا عند ذلك الماء المسمى بالوقبا ،جاءوا من جهات مختلفة ،فجمع الموت بينهم في محل واحد ،ولو ماتوا في بلادهم لكانت مناياهم في بلاد شتى .