قوله تعالى:{وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى} .المؤتفكة ،مفتعلة من الإفك ،وهو القلب والصرف ،والمراد بها قرى قوم لوط بدليل قوله في غير هذا الموضع:{وَالْمُؤْتَفِكَاتِ} [ التوبة: 70 والحاقة: 9] بالجمع .فهو من إطلاق المفرد وإرادة الجمع كما أوضحناه مراراً ،وأكثرنا من أمثلته في القرآن وفي كلام العرب وأحلنا عليه مراراً ،وإنما قيل لها: مؤتفكة ،لأن جبريل أفكها فأتفكت ،ومعنى أفكها أنه رفعها نحو السماء ثم قلبها جاعلاً أعلاها أسفلها ،وجعل عاليها أسفلها ،هو ائتفاكها وإفكها .
وقد أوضح تعالى هذا المعنى في سورة هود في قوله تعالى:{فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً} [ هود: 82] .
وقوله تعالى في سورة الحجر:{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ} [ الحجر: 73- 74] .
وقد بينا قصة قوم لوط في هود والحجر ،وقوله في هذه الآية الكريمة:{أَهْوَى} .تقول العرب: هوى الشيء إذا انحدر من عال إلى أسفل .وأهواه: غيره إذا ألقاه من العلو إلى السفل ،لأن الملك رفع قراهم ثم أهواها أي ألقاها تهوى إلى الأرض ،منقلبة أعلاها أسفلها .