قوله تعالى:{وَمَآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ} .
الضمير في منهم هنا عائد على بني النضير .
والفيء: الغنيمة بدون قتال ،وقد جعله تعالى هنا على رسوله خاصة .
وقال:{فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَآءُ} أي لما كان إخراج اليهود مرده إلى الله تعالى بما قذف في قلوبهم الرعب ،وبما سلط عليهم رسوله صلى الله عليه وسلم ،فكان هذا الفيء لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشاركه فيه غيره .
وقد جاء مصداق ذلك عن عمر رضي الله عنه الذي ساقه الشيخ تغمده الله برحمته عند آخر كلامه على مباحث الأنفال عند قوله: المسألة التاسعة: اعلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يأخذ نفقة سنته من فيء بني النضير لا من المغانم ،وساق حديث أنس بن أوس المتفق عليه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،في قصة مطالبة علي والعباس ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وأنه قال لهما: إن الله كان خص رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا بشيء لم يعطه أحداً غيره ،فقال عز وجل:{وَمَآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ} إلى قوله{قَدِيرٌ} [ الحشر: 6] ،فكانت خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ،والله ما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم ،لقد أعطاكموه وبثها فيكم ،حتى بقي منها هذا المال ،فكان النَّبي صلى الله عليه وسلم ينفق على أهله من هذا المال نفقة سنته ،ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل ما لله إلخ ا ه .
وكانت هذه خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم ،ولكن جاء بعدها ما هو أعم من ذلك في قوله تعالى:{مَّآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [ الحشر: 7] -أي عموماً-{فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [ الحشر: 7] .
وهذه الآية لعمومها مصدراً ومصرفاً ،فقد اشتملت على أحكام ومباحث عديدة ،وقد تقدم لفضيلة الشيخ تغمده الله برحمته الكلام على كل ما فيها عند أول سورة الأنفال على قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}[ الأنفال: 1] ،فاستوفى واستقصى وفصل وبين مصادر ومصارف الفيء والغنيمة والنفل .وما فتح من البلاد صلحاً أو عنوة ،ومسائل عديدة مما لا مزيد عليه ،ولا غنى عنه والحمد لله تعالى .