جملة{ مَا كَانَ لله أنْ يتَّخِذْ من ولد} تقرير لمعنى العبودية ،أو تفصيل لمضمون جملة{ الذي فيه يمترون} فتكون بمنزلة بدل البعض أو الاشتمال منها ،اكتفاءً بإبطال قول النصارى بأن عيسى ابن الله ،لأنه أهم بالإبطال ،إذ هو تقرير لعبودية عيسى وتنزيه لله تعالى عما لا يليق بجلال الألوهيّة من اتخاذ الولد ومن شائبة الشرك ،ولأنه القول الناشيء عن الغلوّ في التقديس ،فكان فيما ذكر من صفات المدح لعيسى ما قد يقوي شبهتهم فيه بخلاف قول اليهود فقد ظهر بطلانه بما عُدد لعيسى من صفات الخير .
وصيغة{ ما كان لله أن يتّخذ} تفيد انتفاء الولد عنه تعالى بأبلغ وجه لأنّ لام الجحود تفيد مبالغة النّفي ،وأنه مما لا يلاقي وجود المنفي عنه ،ولأن في قوله:{ أن يتخذَ} إشارة إلى أنه لو كان له ولد لكان هو خَلَقَه ،واتّخذه فلم يَعْدُ أن يكون من جملة مخلوقاته ،فإثبات البنوّة له خُلْف من القَوْل .
وجملة{ إذا قَضَى أمراً إنما يَقُولُ لهُ كُن فيَكُونُ} بيان لجملة{ ما كان لله أن يتَّخِذ من ولدٍ} ،لإبطال شبهة النصارى إذ جعلوا تكوين إنسان بأمر التكوين عن غير سبب معتاد دليلاً على أن المكوّن ابن لله تعالى ،فأشارت الآية إلى أن هذا يقتضي أن تكون أصول الموجودات أبناء لله وإن كان ما يقتضيه لا يخرج عن الخضوع إلى أمر التكوين .