ومعنى{ لنا أعمالنا ولكم أعمالكم} أن أعمالنا مستحقة لنا كناية عن ملازمتهم إياها وأما قولهم{ ولكم أعمالكم} فهو تتميم على حد{ لكم دينكم ولي دين}[ الكافرون: 6] .
والمقصود من السلام أنه سلام المتاركة المكنى بها عن الموادعة أن لا نعود لمخاطبتكم قال الحسن: كلمة: السلام عليكم ،تحية بين المؤمنين ،وعلامة الاحتمال من الجاهلين .ولعل القرآن غير مقالتهم بالتقديم والتأخير لتكون مشتملة على الخصوصية المناسبة للإعجاز لأن تأخير الكلام الذي فيه المتاركة إلى آخر الخطاب أولى ليكون فيه براعة المقطع .
وحذف القرآن قولهم: لم نأل أنفسنا رشداً ،للاستغناء عنه بقولهم{ لنا أعمالنا ولكم أعمالكم} .
السابعة: ما أفصح عنه قولهم{ لا نبتغي الجاهلين} من أن ذلك خلقهم أنهم يتطلبون العلم ومكارم الأخلاق .والجملة تعليل للمتاركة ،أي لأنا لا نحب مخالطة أهل الجهالة بالله وبدين الحق وأهل خُلق الجهل الذي هو ضد الحلم ،فاستعمل الجهل في معنييه المشترك فيها ولعله تعريض بكنية أبي جهل الذي بذا عليهم بلسانه .
والظاهر أن هذه الكلمة يقولونها بين أنفسهم ولم يجهروا بها لأبي جهل وأصحابه بقرينة قوله{ ويدرأون بالحسنة السيئة} وقوله{ سلام عليكم} وبذلك يكون القول المحكي قولين: قول وجهوه لأبي جهل وصحبه ،وقول دار بين أهل الوفد .