الفاء في قوله:{ فلنسألن} عاطفة ،لِترتيب الأخبار لأنّ وجود لام القسم علامة على أنّه كلام أنُفٌ انتقال من خبر إلى خبر ،ومن قصة إلى قصة وهو انتقالٌ من الخبر عن حَالتهم الدنيوية إلى الخبر عن أحوالهم في الآخرة .
وأكّد الخبر بلام القسم ونون التّوكيد لإزالة الشكّ في ذلك .
وسؤال الذين أرسل إليهم سُؤال عن بلوغ الرّسالة .وهو سؤال تقريع في ذلك المحشر ،قال تعالى:{ ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين}[ القصص: 65] .
وسؤال المرسلين عن تبليغهم الرّسالة سؤال إرهاب لأمُمِهم ،لأنّهم إذا سمعوا شهادة رسلهم عليهم أيقنوا بأنّهم مسوقون إلى العذاب ،وقد تقدّم ذلك في قوله:{ فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد}[ النساء: 41] وقوله{ يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم}[ المائدة: 109] .
و{ الذين أرسل إليهم} ،هم أمم الرّسل ،وعبّر عنهم بالموصول لما تدُلّ عليه الصّلة من التّعليل ،فإن فائدة الإرسال هي إجابة الرّسل ،فلا جرم أن يسأل عن ذلك المُرسَل إليهم ،ولمّا كان المقصود الأهمّ من السّؤال هو الأمم ،لإقامة الحجّة عليهم في استحقاق العقاب ،قُدّم ذكرهم على ذكر الرّسل ،ولما تدُلّ عليه صلة ( الذي ) وصلة ( ال ) من أنّ المسؤول عنه هو ما يتعلّق بأمر الرّسالةِ ،وهو سؤال الفريقين عن وقوع التّبليغ .
ولَمَّا دلّ على هذا المعنى التّعبيرُ: ب{ الذين أرسل إليهم} والتّعبيرُ: ب{ المرسلين} لم يحتجّ إلى ذكر جواب المسؤولين لظهور أنّه إثبات التّبليغ والبلاغ .