{ لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة}
يجوز أن تكون هذه الجملة بدلَ اشتمال من جملة:{ إنهم ساء ما كانوا يعملون}[ التوبة: 9] لأنّ انتفاء مراعاة الإلّ والذمّة مع المؤمنين ممّا يشتمل عليه سوء عملهم ،ويجوز أن تكون استئنافاً ابتُدىء به للاهتمام بمضمون الجملة .وقد أفادت معنى أعمّ وأوسع ممّا أفاده قوله:{ وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلّاً ولا ذمة}[ التوبة: 8] لأنّ إطلاق الحكم عن التقييد بشرط{ إن يظهروا عليكم}[ التوبة: 8] يَفيد أنّ عدم مراعاتهم حقّ الحلف والعهد خُلُق متأصّل فيهم ،سواء كانوا أقويّاء أم مستضعفين ،وإنّ ذلك لسوء طويتهم للمؤمنين لأجل إيمانهم .والإلّ والذمّة تقدّما قريباً .
{ وأولئك هم المعتدون}
عطف على جملة:{ لا يرقبون في مؤمن إلّاً ولا ذمة} لمناسبة أنّ إثبات الاعتداء العظيم لهم ،نشأ عن الحقد ،الشيء الذي أضمروه للمؤمنين ،لا لشيء إلاّ لأنّهم مؤمنون كقوله تعالى:{ وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد}[ البروج: 8] .
والقَصر إمّا أن يكون للمبالغة في اعتدائهم ،لأنّه اعتداء عظيم باطني على قوم حالفوهم وعاهدوهم ،ولم يُلحقوا بهم ضرّ مع تمكّنهم منه ،وإمّا أن يكون قصر قلب ،أي: هم المعتدون لا أنتمْ لأنّهم بَدَأوكم بنقض العهد في قضية خزاعة وبني الدِّيل من بكر بن وائِل ممّا كان سبباً في غزوة الفتح .