{ لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة} أي من أجل هذا الكفر والصدود والصد عن الإيمان لا يرعون في مؤمن يظهرون عليه ويقدرون على الفتك به ربا يحرم الغدر ، ولا قرابة تقتضي الود ، ولا ذمة توجب الوفاء اتقاء للذم ، لأن ذنب المؤمن في هذا عندهم كونه مؤمنا ، وقد علموا أنه لا ينقض عهدا ، ولا يستحل غدرا ، ولا يقطع رحما ، وهذا أعم من قوله:{ إنهم إن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة} لأنه غير مشروط بالظهور والغلب ، ولأنه يشمل كل مؤمن من المخاطبين وغيرهم من حيث إنه مؤمن ، وذاك خاص بالمخاطبين الذين كان بينهم وبين المشركين ما كان من الحروب والدماء ، وربما كان فيهم بقية من المنافقين .
{ وأولئك هم المعتدون} لحدود العهود من دونكم والبادئون لكم بالقتال كما فعلوا فيما مضى ، وكذلك يفعلون فيما يأتي ، والعلة في اعتدائهم وتجاوزهم هو رسوخهم في الشرك ، وكراهتهم للإيمان وأهله لا لكم وحدكم ، فلا علاج لهم إذا إلا الرجوع عن كفرهم والاعتصام معكم بعروة التوحيد والإيمان ، وما تقتضيه من الأعمال الصالحة وفضائل الأخلاق .