/م36
{ واصنع الفلك بأعيننا ووحينا} الفلك السفينة يطلق على المفرد والجمع والظاهر من تعريفه هنا أن الله تعالى كان أخبره خبره .أي واصنع الفلك الذي سننجيك ومن آمن معك فيه حال كونك ملحوظا ومراقبا بأعيننا من كل ناحية ، وما يلزمه من حفظنا في كل آن وحالة ، فلا يمنعك منه مانع ، وملهما أو معلما بوحينا لك كيف نصنعه ، فلا يعرض لك في صفته خطأ ، وجمع الأعين هنا لإفادة شدة العناية بالمراقبة والحفظ ، وإن قال مجاهد:أي بعيني ووحيي فإن العرب تعبر برؤية العين الواحدة عن العناية وبالأعين عن المبالغة فيها .قال تعالى لموسى عليه السلام{ ولتصنع على عيني} [ طه:39] وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم{ واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا} [ الطور:48] وفي الأساس تقول لمن بعثته واستعجلته"بعين ما أرينك "أي لأتلو على شيء فكأني أنظر إليك اه .وقال الشاعر:
وإذا العناية لاحظتك عيونها نم فالمخاوف كلهن أمان
وهذا التفسير هو الظاهر بل المتبادر من هذا التعبير ، وليس تأويلا صرف به عن الظاهر لإيهامه التشبيه ، فإنما مرادهم بالتأويل حمل اللفظ على المعنى المرجوح من معنييه أو معانيه لمانع من حمله على المعنى الراجح ، وهو لا ينحصر في الحقيقة اللغوية .
{ ولا تخاطبني في الذين ظلموا} أي لا تراجعني في أمرهم بشيء من طلب الرحمة بهم ودفع العذاب عنهم{ إنهم مغرقون} أي حقت عليهم كلمة العذاب وقضى عليهم القضاء الحتم بالإغراق ، فلا تأخذك بهم رأفة ولا إشفاق ، وقيل معناه:ولا تخاطبني بعد في استعجال تعذيبهم وتكرار الدعاء عليهم ، ويرجح هذا إذا كان الدعاء بعد إعلامه تعالى إياه بهذا الحكم فقد حكى عنه في آخر سورته{ وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا} [ نوح:26 -28] أي هلاكا .
/خ49