/م36
وجاء الأمر لنوح أن (...اصنع الفلك بأعيننا ووحينا ) .
إِنّ المقصود من كلمة «أعيننا » إِشارة إلى أن جميع ما كنت تعمله وتسعى بجد من أجله في هذا المجال هو في مرآى ومسمع منّا ،فواصل عملك مطمئن البال .
وطبيعي أنّ هذا الإِحساس بأنّ الله حاضر وناظر ومراقب ومحافظ يعطي الإِنسان قوة وطاقة ،كما أنّه يحسّ بتحمل المسؤولية أكثر .
كما يستفاد من كلمة «وحينا » أيضاً أن صنع السفينة كان بتعليم الله ،وينبغي أن يكون كذلك ،لأنّ نوحاً( عليه السلام ) لم يكن بذاته ليعرف مدى الطوفان الذي سيحدث في المستقبل ليصنع السفينة بما يتناسب معه ،وإِنّما هو وحي الله الذي يعينه في انتخاب أحسن الكيفيات .
وفي نهاية الآية ينذر الله نوحاً أن لا يشفع في قومه الظالمين ،لأنّهم محكوم عليهم بالعذاب وإِن الغرق قد كتب عليهم حتماً ( ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ) .
هذه الجملة تبين بوضوح أنّ الشفاعة لا تتيسر لكل شخص ،بل للشفاعة شروطها ،فإذا لم تتوفر في أحد الأشخاص فلا يحق للنّبي أن يشفع له ويطلب من الله العفو لأجله ( راجع المجلد الأوّل من هذا التّفسير ذيل الآية 48 من سورة البقرة ) .
/خ39