/م45
{ ونادى نوح ربه} في إثر ندائه لابنه الذي تخلف عن السفينة ودعاه إليها فلم يستجب{ فقال رب إن ابني من أهلي} هذا تفسير لنادى ، أي فكان نداؤه أن قال يا رب إن ابني هذا من أهلي الذين وعدتني بنجاتهم إذ أمرتني بحملهم في السفينة{ وإن وعدك الحق} الذي لا خلف فيه وهذا منه{ وأنت أحكم الحاكمين} أي أحق من كل من يتصور منهم الحكم وأحسنهم وخيرهم حكما كما قال تعالى:{ ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} [ المائدة:50] وقال:{ وهو خير الحاكمين} [ الأعراف:87] وذلك أن حكمه تعالى لا يكون إلا بالحق والعدل ، لأنه يصدر عن كمال العلم والعدل والحكمة ، فلا يعرض له الخطأ ولا المحاباة ، ولا الحيف والظلم ، وحكمه تعالى يطلق على ما يشرعه من الأحكام ، وعلى ما ينفذه في عباده من جزاء على الأعمال ، ومراد نوح بهذا أن ينجي ابنه الذي تخلف عن السفينة بعد أن دعاه إليها فامتنع معللا نفسه بأن يأوي إلى جبل يعتصم به من الغرق ولم يقتنع بقوله له{ لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم} [ هود:43] فالمعقول أن الدعاء وقع بعد هذه المحاورة مع ابنه وقبل أن يحول بينهما الموج .
/خ49