/م84
/م91
{ كأن لم يغنوا فيها} أي كأنهم لم يقيموا فيها وقتا من الأوقات .
{ ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود} أي هلاكا لهم وبعدا من رحمة الله كبعد الهلاك واللعنة التي عوقبت بها ثمود من قبلهم ، فإنهما من جنس واحد وهو الصيحة كما في الآية 67 ، وسيأتي مثله في سورة الحجر أولا في قوم لوط ، وذكرناه في قصتهم هنا ، وثانيا في أصحاب الحجر وهو ثمود{ فأخذتهم الصيحة مصبحين} [ الحجر:83] ، وكذا في سورة المؤمنون بدون تصريح باسمهم{ فأخذتهم الصيحة بالحق} [ المؤمنون:41] ، وفي سورة القمر{ إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتضر} [ القمر:31] ، وتقدم في عذاب ثمود ومدين من سورة الأعراف أنهم أخذتهم الرجفة كما في آيتي [ ومثلهما آية 155 في السبعين المختارين من قوم موسى] وسيأتي أيضا في مدين من سورة العنكبوت{ فكذبوه فأخذتهم الرجفة} [ العنكبوت:37] الخ ، وفي سورة فصلت [ حم السجدة] في ثمود{ فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون} [ فصلت:17] ، وفي سورة الذاريات{ فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون} [ الذاريات:44] .
فعلم بهذا أن المراد بالصيحة صوت الصاعقة ، وفي أن الصاعقة أخذت بني إسرائيل الذين قالوا لموسى:أرنا الله جهرة ، ولكن الله تعالى أحياهم عقبها ، والرجفة هي الهزة والاضطرابة الشديدة ، وهي تصدق باضطراب أبدانهم وأفئدتهم كأرضهم ، فالجامع بين هذه الألفاظ أن الله تعالى أرسل على كل من ثمود ومدين صاعقة ذات صوت شديد فرجفوا أو رجفت أرضهم وزلزلت من شدتها وخروا ميتين ، فكانت صاعقتهم أشد من صاعقة بني إسرائيل ، لأن هذه تربية لقوم نبي في حضرته ، وتلك صاعقة كانت عذاب خزي وهوان لمشركين ظالمين معاندين أنجى الله نبي كل منهم ومؤمنيهم قبلها ، وأما قول بعض المفسرين:إن الصيحة التي أخذت ثمود ومدين كان صيحة من جبريل عليه السلام فهو من أخبار الغيب التي لا تقبل إلا من نصوص الوحي ، ولا نص فتعين أنه من الرجم بالغيب .وقد بينا أسباب الصواعق مرارا ، آخرها في تحقيق الجمع بين هذه الآيات في هلاك ثمود من سورة الأعراف .