{ خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون} أي ماكثين في هذه اللعنة وما تقتضيه من شدة العذاب ، لا يخرجون منها ولا يخفف عنهم من عذابهم ، ولا هم ينظرون أي يمهلون من ( الإنظار ) ليتوبوا ويصلحوا ، أو لا ينظر إليهم نظر مغفرة ورحمة ، قالوا إن الخلود في اللعنة عبارة عن الخلود في أثرها وهو النار بقرينة ( لا يخفف عنهم العذاب ) ولا أذكر عن الأستاذ الإمام في هذا شيئا ، ولكن الكلام يصح على ظاهره وهو أن اللعن بمعنى الطرد فيصح أن يكون الخلود فيه عبارة عن دوامه هو ، أي هم مطرودون من رحمة الله تعالى طردا دائما لا يرجى لهم أن يسلموا منه لأن الكفر الذي استحقوه به هو غاية ما يكتسبه المرء من ظلمات الروح والجناية على الحق ، وتدسية النفس{[54]} ، فمتى مات انقطع عمله وبطل كسبه ، فتعذر عليه أن يجلي تلك الغمة ، وينير هاتيك الظلمة ، وحرم من الرجوع إلى الحق ، ومن تزكية النفس ، فكان خلوده في هذه اللعنة قد نشأ عن وصف لزم له ، فهو دائم بدوام ذاته التي هي علته ، وامتنع أيضا أن ينظر ويمهل فيه ، أو ينظر الله إليه أو يزكيه ، لأنه لم يكن من شيء خارج عنه ، فهو الجاني والمعذب لنفسه ، فأي شيء يرجو من غيره ؟