ثم بين أن إيتاء النبي الأمي أمثال هذه القصص من دلائل نبوته فقال:{ تلك آيات الله} يشير إلى قصة الذين خرجوا من ديارهم وقصة بني إسرائيل التي بعدها{ نتلوها عليك بالحق} فيه تعريض بأن ما يقوله بنو إسرائيل مخالفا لهذا فهو باطل{ وإنك لمن المرسلين} إذ لولا الرسالة لما عرفت شيئا من هذه القصص وأنت لم تكن في أزمة وقوعها ولا تعلمت شيئا من التاريخ ولو تعلمته لجئت بها على النحو الذي عند أهل الكتاب أو غيرهم من القصاصين .وقد قرر تعالى هذه الحجة على نبوته صلى الله عليه وسلم في سورة القصص بعد ذكر قصة موسى في مدين وذكر نبوته بقوله تعالى:{ وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين*ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر ، وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين} ( القصص:44- 45 ) .
/خ252
تم الجزء الثاني وهو منقول من المجلدين السابع والثامن من مجلة المنار اللذين طبعا في سنتي 1322 ، 1323 ه ، وقد طبع أول مرة في ثناه نشره وتم طبعه في سنة 1325 .
وقد قرأ الأستاذ الإمام ما طبع منه على حدته على نهاية تفسير الآية 121 كما قرأ تفسير الجزء الأول كله في المنار وأجازه وعلق على النصف الأول ما نشرناه بنصه عند طبعه فكأنه كتب كل ما عزوناه إليه فيه ، وكل ما عداه فهو كله مكتوب بقلمنا من إنشائنا ونقلنا ما فهمناه من دروسه بالمعنى إلا تفسير آية:{ كان الناس أمة واحدة} ( البقرة:213 ) ولا غرو فقد كان [ رح] يقول صاحب المنار ترجمان أفكاري وقد نشر تفسيرها في جزء المنار الذي صدر في غرة ربيع الآخر سنة 1323 وثقل عليه المرض بعد نشر تفسير الآية 121 فلم يستطع قراءة شيء وتوفي في ثامن جمادى الأولى منها رحمه الله تعالى .
وتمتاز هذه الطبعة على الأولى بجودة ورقها وكون طبعها بجنس واحد من الحروف وبقلة الغلط المطبعي وبجعل الآيات وأرقامها فيها وفي شواهد التفسير من مصحف الحكومة المصرية وهو أصح المصاحف المطبوعة بموافقته لمصحف الإمام المقتدى به في رسمه ، وبأننا زدنا فيه عند طبعه زيادات كثيرة في مسائله ، بعضها تمحيص وتحقيق يقتضيه تفسير الآيات ويطلب منه كمسألة ( اليانصيب ) من فروع الميسر ، وقد كثرت في عصرنا وكثر السؤال عنها ، وبعضها أحكام زائدة على مفهوم الآيات تشتد الحاجة إليها كالفصل الطويل الذي زدناه في تفسير آيات الصيام ، التي كثر فيها اختلاف الفقهاء وحقق الراجح منها شيخ الإسلام ( ابن تيمية ) .ولله الحمد في الأولى والآخرة .