/م123
{ ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا} أي كل من يعمل ما يستطيع عمله من الصالحاتأي الأعمال التي تصلح بها النفوس في أخلاقها وآدابها وأحوالها الشخصية والاجتماعية سواء كان ذلك العامل ذكرا أو أنثىخلافا لبعض البشر الذين حقروا شأن الإناث ، فجعلوهن في عداد العجماوات لا في عداد الناسمن يعمل ما ذكر من الصالحات وهو متلبس بالإيمان مطمئن به فأولئك العاملون المؤمنون بالله واليوم الآخر يدخلون الجنة بزكاء أنفسهم وطهارة أرواحهم ، ويكونون مظهر فضل الله تعالى وكرمه ، ومحل إحسانه ورضوانه ، ولا يظلمون من أجور أعمالهم شيئا ما أي لا ينقصون شيئا وإن كان بقدر النقيروهو النكتة التي تكون في ظهر النواة وهي ثقبة صغيرة وتسمى نقرة كأنها حصلت بنقر منقار صغير ويضرب بها المثل في القلةلا ينقصون شيئا بل يزيدهم الله من فضله .
ولا يعارض هذه الآية والآيات الكثيرة التي بمعناها حديث:( لن يدخل أحدكم الجنة عمله ){[604]} الخ لأن معناه أن الإنسان مهما عمل من الصالحات لا يستحق على عمله تلك الجنة العظيمة التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر إلا بفضل الله الذي جعل الجزاء الكبير على عمل قليل .وهو الذي هدى إليه ، وأقدر عليه .
وقد قدم ههنا ذكر العمل على ذكر الإيمان لأن السياق في خطاب قوم مؤمنين بالله وملائكته وكتبه ورسله قد قصروا في الأعمال واغتروا بالأماني ظانين أن مجرد الانتساب إلى أولئك الرسل والإيمان بتلك الكتب هو الذي يجعلهم من أهل جنة الله ، وأكثر الآيات يقدم فيها ذكر الإيمان على ذكر العمل لورودها في سياق بيان أصل الدين ، ومحاجة الكافرين ، والإيمان في هذا المقام هو الأصل المقدم والعمل أثره وممده ، ومن الحديث في معنى الآية:( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والأحمق من أتبع نفسه هواها .وتمنى على الله ){[605]} قال الحاكم على شرط البخاري .
/خ124