/م142
{ مذبذبين بين ذلك} قال الراغب: "الذبذبة حكاية صوت الحركة للشيء المعلق ثم استعير لكل اضطراب وحركة .قال تعالى:{ مذبذبين بين ذلك} أي مضطربين مائلين تارة إلى المؤمنين وتارة إلى الكافرين "وقيل بين الكفر والإيمان .ويقوي الأول قوله:{ لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء} أي لا يخلصون في الانتساب إلى واحد من الفريقين لأنهم يطلبون المنفعة ، ولا يدرون لمن تكون العاقبة ، فهم يميلون إلى اليمين تارة وإلى الشمال أخرى ، فمتى ظهرت الغلبة التامة لأحد الفريقين ادعوا أنهم منه ، كما بينه تعالى في الآية التي قبل هاتين الآيتين:{ ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا} أي ومن قضت سنة الله في أخلاق البشر وأعمالهم أن يكون ضالا عن الحق موغلا في الباطل ، فلن تجد له أيها الرسول أو أيها السامع سبيلا للهداية برأيك واجتهادك ، فإن سنن الله تعالى لا تتبدل ولا تتحول هذا هو معنى إضلال الله تعالى الذي يتفق به نصوص كتابه بعضها مع بعض وتظهر به حكمته في التكليف والجزاء .وليس معناه أنه ينشئ فطرة بعض الناس على الكفر والضلال فيكون مجبورا على ذلك لا عمل له ولا اختيار فيه كعمل المعدة في الهضم ، والقلب في دورة الدم ، كما توهم من لا عقل له ولا علم .
/خ143