/م26
ثم قال تعالى:{ يريد الله أن يخفف عنكم} إذ لم يضيق عليكم في أمر النساء ، حتى أنه أباح لكم عند الضرورة نكاح الإماء ، بل لم يجعل عليكم في الدين من حرج قط ، فشريعتكم هي الحنيفية السمحة كما ورد ،{ وخلق الإنسان ضعيفا} لا يقدر على مقاومة الميل إلى النساء ولا يحمل ثقل التضيق عليه في الاستمتاع بهن ، فمن رحمته تعالى أنه لم يحرم عليه منهن إلا ما في إباحته مفسدة عظيمة ، ومع هذا ترى الزنا يفشو حيث يضعف الدين حتى لا يكاد الناس يثقون بنسلهم ، وحتى تكثر الأمراض ويقل النسل ، ويستشري الفساد في الأرض ، وقد كان الرجال ولا يزالون هم المعتدين في هذا الأمر لقوة شهوتهم ، وشدة جرأتهم ، فهم يفسدون النساء ويستميلونهن بالمال ، ثم يتهمونهن بأنهن المتصديات للإفساد ، ويحجر واحدهم على امرأته ويحجبها ، ويحتال على إخراج امرأة غيره من خدرها ! ! ! وهو يجهل أن الحيلة التي أفسد بها امرأة غيره ، هي التي يفسد بها غيره امرأته ، وأنه قلما يفسق رجل إلا ويكون أستاذا لأهل بيته في الفسق ، ومن حكم الحديث الشريف:( عفوا تعف نساؤكم ، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم ) رواه الطبراني من حديث جابر والديلمي من حديث عليّ بمعناه .على أن في الرجال الفاسقين ، والمتفرنجين المارقين ، من مردوا على الفسق وصاروا يرونه من العادات الحسنة فخزيت عفتهم ، وزالت غيرتهم ، فهم يعدون الدياثة ضربا من ضروب الكياسة ، فيسلسون القياد لنسائهم ، كما يسلسن القياد لهم ، وذلك منتهى ما تطيقه الرذيلة من الجهد في إفساد البيوت بتنكيت قوى الرابطة الزوجية ، وجعلها وسيلة لما هي في الفطرة والشريعة أشد الموانع دونه ، لأنها هي الحصن للمرتبطين بها من فوضى الإبضاع ، والحفاظ لما فيه هناء المعيشة من الاختصاص .
/خ28