{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} هذا كلام مستأنف يؤكد مضمون ما قبله من كون مدار الفوز والفلاح في الآخرة على تقوى الله والتوسل إليه بالإيمان والعلم الصحيح ، وتزكية النفس والعمل الصالح في سبيله ، وهو شان المؤمنين الصادقين .فهو يقول إن مدار النجاة والفلاح على ما في نفس الإنسان لا على ما هو خارج عنها كما يتوهم في أمر الفدية .فلو أن للذين كفروا جميع ما في الأرض ومثله معه ، وبذلوا ذلك كله دفعة واحدة ليكون الفداء لهم يفتدون به من العذاب الذي يصيبهم يوم القيامة ، لا يتقبله الله تعالى منهم ولا ينقذهم به من العذاب لأن سنته تصيبهم يوم القيامة ، لا يتقبله الله تعالى منهم ولا ينقذهم به من العذاب ، لأن سنته الحكيمة قد مضت بأن سبب الفلاح والنجاة إنما يكون من نفس الإنسان لا من الأشياء التي تكون خارجها{ قد أفلح من زكاها ، وقد خاب من دساها} ( الشمس:9 ، 10 ) ولهم عذاب شديد الألم قد استحقوه بكفرهم ، وما استتبعه من سيئات أعمالهم ، اتكالا منهم على الفدية والشفعاء .وهذا فرق جوهري واضح بين الإسلام وغيره من الأديان ، فالإسلام دين فطرة ، وسنة الله تعالى فيها أن سعادة الإنسان البدنية والنفسية في الدنيا والآخرة من نفسه لا من غيره ، فالنصارى يعتقدون أن خلاصهم ونجاتهم وسعادتهم بكون المسيح فدية لهم يفتديهم بنفسه مهما كانت حالهم ، فأكثرهم يضمون إلى المسيح الرسل والقديسين ، ويرون أن الله يحل ما يحلونه ويعقد ما يعقدونه ، وأنهم شفعاء لهم عنده .وأما المسلمون فيعتقدون أن العمدة في النجاة والفلاح تزكية النفس بالإيمان والفضائل والأعمال الصالحة ، فبذلك تصلح نفوسهم وتكون أهلا لرضوان الله تعالى .وأن من دس نفسه في الشرك والفسق .والفساد في الأرض .لا يكون أهلا لمرضاة الله ودار كرامته ، فلا يقبل منه فداء ولا تنفعه شفاعة الشافعين .