/م6
{ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} أي تذكروا يا أيها المؤمنون إذ كنتم كفارا متباغضين متعادين فأصبحتم بنعمته عليكم بالهداية إلى الإسلام إخوانا في الإيمان والإحسان .واذكروا ميثاقه الذي واثقكم به ، أي عهده الذي عاهدكم به حين بايعتم رسوله محمد صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر ، وإذ قلتم له سمعنا ما أمرتنا به ونهيتنا عنه وأطعناك فيه ، فلا نعصيك في معروف ، وكل ما جئتنا فهو معروف .أخذ النبي صلى الله عليه وسلم العهد على الرجال والنساء بالسمع والطاعة فذكر الله تعالى عهد النساء في سورة الممتحنة ولم يذكر عهد الرجال وهو في معناه إلا أنه يتضمن معنى القتال لحماية الدعوة إلى الإسلام والدفاع عن أهلها .وكمل نبي بعث في قوم أخذ عليهم الله ميثاق الله تعالى بالسمع والطاعة كما ترى مثال ذلك في الآيات الآتية .ومجرد قبول الدعوة والدخول في الدين يعد عهدا وميثاقا بالسمع والطاعة .وعهد الله وميثاقه الذي أخذه نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم على أول هذه الأمة يدخل فيه كل من قبل الإسلام ومن نشأ فيه من بعدهم إلى يوم القيامة .فيجب أن نعد هذا التذكير خطابا لنا كما كان سلفنا الصالح من الصحابة ( رض ) يعدونه خطابا لهم .
{ وَاتَّقُواْ اللّهَ} أيها المؤمنون أن تنقضوا عهده بمخالفة ما أمركم به ونهاكم عنه في هذه الآيات أو غيرها ، أو أن تزيدوا فيما بلغكم رسولكم من أمر ربكم أو تنقصوا منه ، أو أن تقصروا في حفظه ، أو تحرفوا كلمه عن مواضعه ، فتكونوا كالذين أخذ الله ميثاقهم من أهل الكتاب فنسوا حظا مما ذكروا به ، وحرفوا الكلم عن مواضعه ، وزادوا في دينهم برأيهم ونقصوا منه ، كما ترون في هذه السورة – وكذا في غيرها – كثيرا من أخبارهم ، وما كان غضب الله عليهم وعقابهم{ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} لا يخفى عليه ما أضمره كل واحد ممن أخذ عليهم الميثاق من الوفاء أو عدم الوفاء ، وما تنطوي عليه سريرة كل أحد من الإخلاص أو الرياء ، وسيرون ما يترتب على ذلك الجزاء .