/م46
{ والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون ( 49 )} أي والذين كذبوا بآياتنا التي أرسلنا بها الرسل يصيبهم العذاب في الدنيا أحيانا ولا سيما عند الجحود والعناد ، الذي يكون من المجموع دون بعض الأفراد ، وفي الآخرة على سبيل الشمول والإطراد ، وذلك بسبب فسقهم أي كفرهم وإفسادهم .فهؤلاء قد ذكروا في مقابل الذين آمنوا وأصلحوا أنفسهم وأعمالهم ومعاملاتهم ، فالتكذيب يقابل الإيمان ؛ والفسق يقابل الإصلاح ، وإن كان أعم منه في اللغة والاصطلاح ، فهو يطلق على الكفر والخروج من الطاعة .وفسر ابن زيد الفسق بالكذب هنا وفي كل القرآن وهو تفسير غير مسلم .
والمس اللمس باليد وما يدرك به ، ويطلق على ما يصيب المدرك مما يسوءه غالبا من ضر وشر وكبر ونصب ولغوب وعذاب الضراء والبأساء .وهذا الاستعمال كثير في القرآن يعد بالعشرات ، ويسند الفعل فيه إلى سبب السوء والألم ، وقد أسند إلى ما يسر في مقابلة إسناده إلى ما يسوء في قوله تعالى:{ إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها} [ آل عمران:120] وفي الآية السابعة عشرة من هذه السورة وقد تقدم ، وفي قوله تعالى:{ إن الإنسان خلق هلوعا* إذا مسه الشر جزوعا* وإذا مسه الخير منوعا* إلا المصلين} [ المعارج:19-22] وذكر مس الضر في أواخر سورة يونس ( 10:107 ) وقابله بإرادة الخير .وقد ورد المس بمعنى الوقاع في سورة البقرة ولم يرد في القرآن بمعنى اللمس باليد إلا في قوله تعالى:{ لا يمسه إلا المطهرون} [ الواقعة:79] أي القرآن .وفسر بعضهم المس بالإطلاع والمطهرين بالملائكة .