/م46
{ وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين}
أي تلك سنتنا في إهلاك المكذبين للرسل:ما نرسل المرسلين إليهم إلا مبشرين من آمن وأصلح عملا بالجزاء الحسن اللائق بهم ، ومنذرين من أصر على الشرك والإفساد في الأرض بالجزاء السيئ الذي يستحقونه{ فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( 48 )} أي فلا خوف عليهم من عذاب الدنيا الذي ينزل بالجاحدين ولا من عذاب الآخرة الذي أعده الله للكافرين ، ولا هم يحزنون يوم لقاء الله تعالى على شيء فأتهم لأن الله تعالى يقيهم من كل فزع{ لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون} [ الأنبياء:103] وهم الذين قيل فيهم:{ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} [ القيامة:22 ، 23]{ وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة} [ عبس:38 ، 39] ولك أن تقول إن هؤلاء الكملة لا يحزنون في الدنيا أيضا مما يحزن منه الكفار والفساق كفوات شهوات الدنيا ولذاتها ، أو لا يكون حزنهم كحزنهم في شدته وطول أمده ، فإنهم إذا عرض لهم الحزن لسبب صحيح ، كموت الولد والقريب والصديق ، أو فقد المال وقلة النصير ، يكون حزنهم رحمة وعبرة ، مقرونا بالصبر وحسن الأسوة ، لا يضرهم في أنفسهم ولا أبدانهم ، ولا يغير شيئا من عاداتهم وأعمالهم ، فالإيمان بالله يعصمهم من إرهاق البأساء والضراء ، ومن بطر السراء والنعماء ، عملا بقوله عز وجل:{ ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ، إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ، والله لا يحب كل مختال فخور} [ الحديد:22 ، 23] .