/م46
{ قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون ( 47 )} أي قل أيها الرسول لهؤلاء المشركين الظالمين أرأيتكم أنتم أنفسكم كيف يكون شأنكم – أو أخبروني عن مصيركم – إن أتاكم عذاب الله الذي مضت سنته في الأولين ، بإنزاله بأمثالكم من المكذبين المعاندين ، مباغتا ومفاجئا لكم – أو إتيان مباغتة – فأخذكم على غرة لم تتقدمه إمارة تشعركم بقرب نزوله بكم ، أو أتاكم ظاهرا مجاهرا – أو إتيان جهرة – بحيث ترون مباديه ومقدماته بأبصاركم .هل يهلك به إلا القوم الظالمون منكم ، وهم المصرون على الشرك وأعماله عنادا وجحودا ، إذا مضت سنته تعالى في مثل هذا العذاب أن ينجي منه الرسل ومن اتبعهم من المؤمنين .فكأنه قال لا يهلك به غيركم ، وإنما تهلكون بظلمكم لأنفسكم وجنايتكم عليها .
وقد ظن بعض المفسرين أن هذا من العذاب الذي يكون عاما يؤخذ فيه غير الظالم بجريرة الظالم كالمصائب التي تحل بالأمم من جراء ظلمهم وفجورهم ، الذي يفضي إلى ضعفهم والاعتداء على استقلالهم ، أو إلى تفشي الأمراض أو المجاعات فيهم ، فتكلفوا في تفسير الآية تكلفا يصححون به ظلمهم ، فزعموا أن هلاك غير الظالم بهذا العذاب لا ينافي الحصر لأنه يكون عذابا في الظاهر فقط وأما في الباطن والحقيقة فهو سعادة ، لما يترتب عليه من الثواب والدرجات الرفيعة ، ومن أشهر هؤلاء الظانين في الآية غير الحق الرازي والطبرسي ، ويدل على ما اخترناه ما ذكر من الجزاء على تكذيب الرسل في قوله تعالى:
{ وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين}