ومن البديهي أن يخاف بنو إسرائيل هذا الوعيد وأن يطمئنهم موسى عليه السلام وهو ما بينه تعالى في قوله:{ قال موسى لقومه استعينوا باللّه واصبروا إنّ الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين} أي اطلبوا معونة الله تعالى وتأييده لكم على ما سمعتم من الوعيد واصبروا ولا تجزعوا ، فإن سألتم لماذا وإلى متى ؟ أقل لكم إن الأرض – جنسها أو الأرض التي وعدكم ربكم إياها وهي فلسطين – لله تعالى الذي بيده ملكوت كل شيء يورثها من يشاء من عباده لا لفرعون فهي بحسب سنته تعالى دول والعاقبة الحسنة التي ينتهي إليها التنازع بين الأمم للمتقين أي الذين يتقون الله بمراعاة سننه في أسباب إرث الأرض كالاتحاد وجمع الكلمة ، والاعتصام بالحق ، وإقامة العدل ، والصبر على المكاره ، والاستعانة بالله ولاسيما عند الشدائد ، ونحو ذلك مما هدى إليه وحيه وأيدته التجارب .ومراده عليه السلام أن العاقبة ستكون لكم بإرث الأرض ولكن بشرط أن تكونوا من المتقين له تعالى بإقامة شرعه ، والسير على سننه في نظام خلقه ، وليس الأمر كما تتوهمون ويتوهم فرعون وقومه من بقاء القوي على قوته والضعيف على ضعفه ، أو أن الآلهة الباطلة ضمنت لفرعون بقاء ملكه ، على عظمته وجبروته وظلمه .