/م175
وهاك تفسير الآيات بما يدل عليها نظمها العربي ، ويتلوه ما ورد من الروايات فيها ونظرة فيه:
{ واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها} التلاوة القراءة وإلقاء الكلام الذي يعاد ويكرر للاعتبار به ، والضمير في عليهم للناس المخاطبين بالدعوة وأولهم كفار مكة .والسورة مكية ، وقيل لليهود لأن المثل تابع لقصة موسى في السورة ، والنبأ الخبر الذي له شأن ، وهذا الذي آتاه الله آياته من مبهمات القرآن لم يبين الله ولا رسوله في حديث صحيح عنه اسمه ولا جنسه ولا وطنه لأن هذه الأشياء لا دخل لها فيما أنزل الله تعالى الآيات لبيانه .وانسلاخه منها تجرده وانسلاله منها وتركه إياها بحيث لا يلتفت إليها لاهتداء ولا اعتبار ولا عمل والتعبير بالانسلاخ المستعمل عند العرب في خروج الحيات والثعابين أحيانا من جلودها يدل على أنه كان متمكنا منها ظاهرا لا باطنا .
{ فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين} أي فترتب على انسلاخه منها باختياره أن لحقه الشيطان فأدركه وتمكن من الوسوسة له إذ لم يبق لديه من نور العلم والبصيرة ما يحول دون قبول وسوسته ، وأعقب ذلك أن صار من الغاوين أي الفاسدين المفسدين{ ولو شئنا لرفعناه بها} أي ولو أردنا أن نرفعه بتلك الآيات إلى درجات الكمال والعرفان ، التي تقرن فيها العلوم بالأعمال ،{ يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} [ المجادلة:11] – لفعلنا بأن تخلق له الهداية خلقا ، ونحمله عليها طوعا أو كرها ، فإن ذلك لا يعجزنا ، وإنما هو مخالف لسنتنا .
/خ177