وقوله:( أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا ) الآية ، يقول تعالى منكرا على من تعجب من الكفار من إرسال المرسلين من البشر ، كما أخبر تعالى عن القرون الماضية من قولهم:( أبشر يهدوننا ) [ التغابن:6] وقال هود وصالح لقومهما:( أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم ) [ الأعراف:63:69] وقال تعالى مخبرا عن كفار قريش أنهم قالوا:( أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب ) .
وقال الضحاك ، عن ابن عباس:لما بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم رسولا أنكرت العرب ذلك ، أو من أنكر منهم ، فقالوا:الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا مثل محمد . قال:فأنزل الله عز وجل:( أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم )
وقوله:( أن لهم قدم صدق عند ربهم ) اختلفوا فيه ، فقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله:( أن لهم قدم صدق [ عند ربهم] ) يقول:سبقت لهم السعادة في الذكر الأول .
وقال العوفي ، عن ابن عباس:( أن لهم قدم صدق عند ربهم ) يقول:أجرا حسنا ، بما قدموا . وكذا قال الضحاك ، والربيع بن أنس ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم . وهذا كقوله تعالى:( لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا ) [ الكهف:2 ، 3]
وقال مجاهد:( أن لهم قدم صدق عند ربهم ) قال:الأعمال الصالحة صلاتهم وصومهم وصدقتهم وتسبيحهم .
[ وقال عمرو بن الحارث عن قتادة أو الحسن ( أن لهم قدم صدق عند ربهم] ) قال:محمد صلى الله عليه وسلم شفيع لهم . وكذا قال زيد بن أسلم ، ومقاتل بن حيان .
وقال قتادة:سلف صدق عند ربهم .
واختار ابن جرير قول مجاهد - أنها الأعمال الصالحة التي قدموها - قال:كما يقال:"له قدم في الإسلام "ومنه قول [ حسان] رضي الله عنه .
لنا القدم العليا إليك وخلفنا لأولنا في طاعة الله تابع
وقول ذي الرمة:
لكم قدم لا ينكر الناس أنها مع الحسب العادي طمت على البحر
وقوله تعالى:( قال الكافرون إن هذا لساحر مبين ) أي:مع أنا بعثنا إليهم رسولا منهم ، رجلا من جنسهم ، بشيرا ونذيرا ، ( قال الكافرون إن هذا لساحر مبين ) أي:ظاهر ، وهم الكاذبون في ذلك .