تقول المرأة:ولست أبرئ نفسي ، فإن النفس تتحدث وتتمنى; ولهذا راودته لأنها أمارة بالسوء ، ( إلا ما رحم ربي ) أي:إلا من عصمه الله تعالى ، ( إن ربي غفور رحيم ) .
وهذا القول هو الأشهر والأليق والأنسب بسياق القصة ومعاني الكلام . وقد حكاه الماوردي في تفسيره ، وانتدب لنصره الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية ، رحمه الله ، فأفرده بتصنيف على حدة
وقد قيل:إن ذلك من كلام يوسف ، عليه السلام ، من قوله:( ذلك ليعلم أني لم أخنه ) في زوجته ) بالغيب ) الآيتين أي:إنما رددت الرسول ليعلم الملك براءتي وليعلم العزيز ( أني لم أخنه ) في زوجته ) بالغيب ) ( وأن الله لا يهدي كيد الخائنين وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء ) [ الآية] وهذا القول هو الذي لم يحك ابن جرير ولا ابن أبي حاتم سواه .
وقال ابن جرير:حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال:لما جمع الملك النسوة فسألهن:هل راودتن يوسف عن نفسه ؟ ( قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ) قال يوسف ( ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب [ وأن الله لا يهدي كيد الخائنين] ) قال:فقال له جبريل ، عليه السلام:ولا يوم هممت بما هممت به . فقال:( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء )
وهكذا قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، وابن أبي الهذيل ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، والسدي . والقول الأول أقوى وأظهر; لأن سياق الكلام كله من كلام امرأة العزيز بحضرة الملك ، ولم يكن يوسف ، عليه السلام ، عندهم ، بل بعد ذلك أحضره الملك .