( فكلي واشربي وقري عينا ) أي:طيبي نفسا; ولهذا قال عمرو بن ميمون:ما من شيء خير للنفساء من التمر والرطب ، ثم تلا هذه الآية الكريمة .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا شيبان ، حدثنا مسرور بن سعيد التميمي حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، عن عروة بن رويم ، عن علي بن أبي طالب قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أكرموا عمتكم النخلة ، فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم عليه السلام ، وليس من الشجر شيء يلقح غيرها ". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أطعموا نساءكم الولد الرطب ، فإن لم يكن رطب فتمر ، وليس من الشجرة شجرة أكرم على الله من شجرة نزلت تحتها مريم بنت عمران ".
هذا حديث منكر جدا ، ورواه أبو يعلى ، عن شيبان ، به
وقرأ بعضهم قوله:"تساقط "بتشديد السين ، وآخرون بتخفيفها ، وقرأ أبو نهيك:( تساقط عليك رطبا جنيا ) وروى أبو إسحاق عن البراء:أنه قرأها:"تساقط "أي:الجذع . والكل متقارب .
وقوله:( فإما ترين من البشر أحدا ) أي:مهما رأيت من أحد ، ( فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ) المراد بهذا القول:الإشارة إليه بذلك . لا أن المراد به القول اللفظي ; لئلا ينافي:( فلن أكلم اليوم إنسيا )
قال أنس بن مالك في قوله:( إني نذرت للرحمن صوما ) أي:صمتا وكذا قال ابن عباس ، والضحاك . وفي رواية عن أنس:"صوما وصمتا "، وكذا قال قتادة وغيرهما .
والمراد أنهم كانوا إذا صاموا في شريعتهم يحرم عليهم الطعام والكلام ، نص على ذلك السدي ، وقتادة ، وعبد الرحمن بن زيد .
وقال أبو إسحاق ، عن حارثة قال:كنت عند ابن مسعود ، فجاء رجلان فسلم أحدهما ولم يسلم الآخر ، فقال:ما شأنك ؟ قال أصحابه:حلف ألا يكلم الناس اليوم . فقال عبد الله بن مسعود:كلم الناس وسلم عليهم ، فإنما تلك امرأة علمت أن أحدا لا يصدقها أنها حملت من غير زوج . يعني بذلك مريم ، عليها السلام; ليكون عذرا لها إذا سئلت . ورواه ابن أبي حاتم ، وابن جرير ، رحمهما الله .
وقال عبد الرحمن بن زيد:لما قال عيسى لمريم:( ألا تحزني ) قالت:وكيف لا أحزن وأنت معي ؟ ! لا ذات زوج ولا مملوكة ، أي شيء عذري عند الناس ؟ يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ، قال لها عيسى:أنا أكفيك الكلام:( فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ) قال:هذا كله من كلام عيسى لأمه . وكذا قال وهب .