وهذا مثل آخر ضربه الله تعالى لضرب آخر من المنافقين ، وهم قوم يظهر لهم الحق تارة ، ويشكون تارة أخرى ، فقلوبهم في حال شكهم وكفرهم وترددهم ( كصيب ) والصيب:المطر ، قاله ابن مسعود ، وابن عباس ، وناس من الصحابة ، وأبو العالية ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، والحسن البصري ، وقتادة ، وعطية العوفي ، وعطاء الخراساني ، والسدي ، والربيع بن أنس .
وقال الضحاك:هو السحاب .
والأشهر هو المطر نزل من السماء في حال ظلمات ، وهي الشكوك والكفر والنفاق . ( ورعد ) وهو ما يزعج القلوب من الخوف ، فإن من شأن المنافقين الخوف الشديد والفزع ، كما قال تعالى:( يحسبون كل صيحة عليهم [ هم العدو] ) [ المنافقون:4] وقال:( ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون ) [ التوبة:56 ، 57] .
والبرق:هو ما يلمع في قلوب هؤلاء الضرب من المنافقين في بعض الأحيان ، من نور الإيمان ؛ ولهذا قال:( يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين ) أي:ولا يجدي عنهم حذرهم شيئا ؛ لأن الله محيط [ بهم] بقدرته ، وهم تحت مشيئته وإرادته ، كما قال:( هل أتاك حديث الجنود فرعون وثمود بل الذين كفروا في تكذيب والله من ورائهم محيط ) [ البروج:17 - 20] .
[ والصواعق:جمع صاعقة ، وهي نار تنزل من السماء وقت الرعد الشديد ، وحكى الخليل بن أحمد عن بعضهم صاعقة ، وحكى بعضهم صاعقة وصعقة وصاقعة ، ونقل عن الحسن البصري أنه:قرأ:"من الصواقع حذر الموت "بتقديم القاف وأنشدوا لأبي النجم:
يحكوك بالمثقولة القواطع شفق البرق عن الصواقع
قال النحاس:وهي لغة بني تميم وبعض بني ربيعة ، حكى ذلك القرطبي في تفسيره] .