ذكر الأحاديث الواردة في فضل هاتين الآيتين الكريمتين نفعنا الله بهما .
الحديث الأول:قال البخاري:حدثنا محمد بن كثير ، أخبرنا شعبة ، عن سليمان ، عن إبراهيم ، عن عبد الرحمن ، عن أبي مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قرأ بالآيتين "، وحدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن أبي مسعود ، قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه ".
وقد أخرجه بقية الجماعة من طريق سليمان بن مهران الأعمش ، بإسناده ، مثله . وهو في الصحيحين من طريق الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبد الرحمن ، عنه ، به . وهو في الصحيحين أيضا عن عبد الرحمن ، عن علقمة عن أبي مسعود قال عبد الرحمن:ثم لقيت أبا مسعود ، فحدثني به .
وهكذا رواه أحمد بن حنبل:حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا شريك ، عن عاصم ، عن المسيب بن رافع ، عن علقمة ، عن أبي مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال:"من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلته كفتاه ".
الحديث الثاني:قال الإمام أحمد:حدثنا حسين ، حدثنا شيبان ، عن منصور ، عن ربعي ، عن خرشة بن الحر ، عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذر ، قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أعطيت خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش ، لم يعطهن نبي قبلي ".
وقد رواه ابن مردويه ، من حديث الأشجعي ، عن الثوري ، عن منصور ، عن ربعي ، عن زيد بن ظبيان ، عن أبي ذر قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أعطيت خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش ".
الحديث الثالث:قال مسلم:حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو أسامة ، حدثنا مالك بن مغول ( ح ) وحدثنا ابن نمير ، وزهير بن حرب جميعا ، عن عبد الله بن نمير وألفاظهم متقاربة قال ابن نمير:حدثنا أبي ، حدثنا مالك بن مغول ، عن الزبير بن عدي عن طلحة ، عن مرة ، عن عبد الله ، قال:لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهي به إلى سدرة المنتهى ، وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض فيقبض منها ، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها ، قال:( إذ يغشى السدرة ما يغشى ) [ النجم:16] ، قال:فراش من ذهب . قال:وأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا:أعطي الصلوات الخمس ، وأعطي خواتيم سورة البقرة ، وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا المقحمات .
الحديث الرابع:قال أحمد:حدثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي ، حدثنا سلمة بن الفضل ، حدثني محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن مرثد بن عبد الله اليزني ، عن عقبة بن عامر الجهني قال:قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اقرأ الآيتين من آخر سورة البقرة فإني أعطيتهما من تحت العرش ". هذا إسناد حسن ، ولم يخرجوه في كتبهم .
الحديث الخامس:قال ابن مردويه:حدثنا أحمد بن كامل ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ، أخبرنا مسدد أخبرنا أبو عوانة ، عن أبي مالك ، عن ربعي ، عن حذيفة ، قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فضلنا على الناس بثلاث ، أوتيت هؤلاء الآيات من آخر سورة البقرة من بيت كنز تحت العرش ، لم يعطها أحد قبلي ، ولا يعطاها أحد بعدي ".
ثم رواه من حديث نعيم بن أبي هندي ، عن ربعي ، عن حذيفة ، بنحوه .
الحديث السادس:قال ابن مردويه:حدثنا عبد الباقي بن نافع ، أنبأنا إسماعيل بن الفضل ، أخبرنا محمد بن حاتم بن بزيع ، أخبرنا جعفر بن عون ، عن مالك بن مغول ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي قال:لا أرى أحدا عقل الإسلام ينام حتى يقرأ خواتيم سورة البقرة ، فإنها كنز أعطيه نبيكم صلى الله عليه وسلم من تحت العرش .
ورواه وكيع عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمير بن عمرو الخارفي ، عن علي قال:ما أرى أحدا يعقل ، بلغه الإسلام ، ينام حتى يقرأ آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة ، فإنها من كنز تحت العرش .
الحديث السابع:قال أبو عيسى الترمذي:حدثنا بندار ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن أشعث بن عبد الرحمن الجرمي عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن النعمان بن بشير ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام ، أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة ، ولا يقرأن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان ". ثم قال:هذا حديث غريب . وهكذا رواه الحاكم في مستدركه من حديث حماد بن سلمة به ، وقال:صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه .
الحديث الثامن:قال ابن مردويه:حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن مدين ، أخبرنا الحسن بن الجهم ، أخبرنا إسماعيل بن عمرو ، أخبرنا ابن أبي مريم ، حدثني يوسف بن أبي الحجاج ، عن سعيد ، عن ابن عباس قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ آخر سورة البقرة وآية الكرسي ضحك ، وقال:"إنهما من كنز الرحمن تحت العرش ". وإذا قرأ:( من يعمل سوءا يجز به ) [ النساء:123] ، ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى ) [ النجم:3941] ، استرجع واستكان .
الحديث التاسع:قال ابن مردويه:حدثنا عبد الله بن محمد بن كوفي ، حدثنا أحمد بن يحيى بن حمزة ، حدثنا محمد بن بكر حدثنا مكي بن إبراهيم ، حدثنا عبد الله بن أبي حميد ، عن أبي مليح ، عن معقل بن يسار ، قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أعطيت فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة البقرة من تحت العرش ، والمفصل نافلة ".
الحديث العاشر:قد تقدم في فضائل الفاتحة ، من رواية عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال:بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل ; إذ سمع نقيضا فوقه ، فرفع جبريل بصره إلى السماء ، فقال:هذا باب قد فتح من السماء ما فتح قط . قال:فنزل منه ملك ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:أبشر بنورين قد أوتيتهما ، لم يؤتهما نبي قبلك:فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة البقرة ، لن تقرأ حرفا منهما إلا أوتيته ، رواه مسلم والنسائي ، وهذا لفظه .
[ الحديث الحادي عشر:قال أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي في مسنده:حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا صفوان ، حدثنا أيفع بن عبد الله الكلاعي قال:قال رجل:يا رسول الله ، أي آية في كتاب الله أعظم ؟ قال:"آية الكرسي:( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) قال:فأي آية في كتاب الله تحب أن تصيبك وأمتك ؟ قال:"آخر سورة البقرة ، ولم يترك خيرا في الدنيا والآخرة إلا اشتملت عليه "] .
فقوله تعالى:( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه ) إخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك .
قال ابن جرير:حدثنا بشر ، حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال:ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما نزلت هذه الآية:"ويحق له أن يؤمن ".
وقد روى الحاكم في مستدركه:حدثنا أبو النضر الفقيه:حدثنا معاذ بن نجدة القرشي ، حدثنا خلاد بن يحيى ، حدثنا أبو عقيل ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أنس بن مالك ، قال:لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه ) قال النبي صلى الله عليه وسلم:"حق له أن يؤمن ". ثم قال الحاكم:صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه . .
وقوله:( والمؤمنون ) عطف على ) الرسول ) ثم أخبر عن الجميع فقال:( كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله ) فالمؤمنون يؤمنون بأن الله واحد أحد ، فرد صمد ، لا إله غيره ، ولا رب سواه . ويصدقون بجميع الأنبياء والرسل والكتب المنزلة من السماء على عباد الله المرسلين والأنبياء ، لا يفرقون بين أحد منهم ، فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض ، بل الجميع عندهم صادقون بارون راشدون مهديون هادون إلى سبل الخير ، وإن كان بعضهم ينسخ شريعة بعض بإذن الله ، حتى نسخ الجميع بشرع محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين ، الذي تقوم الساعة على شريعته ، ولا تزال طائفة من أمته على الحق ظاهرين .
وقوله:( وقالوا سمعنا وأطعنا ) أي:سمعنا قولك يا ربنا ، وفهمناه ، وقمنا به ، وامتثلنا العمل بمقتضاه ، ( غفرانك ربنا ) سؤال للغفر والرحمة واللطف .
قال ابن أبي حاتم:حدثنا علي بن حرب الموصلي ، حدثنا ابن فضيل ، عن عطاء بن السائب ،
عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قول الله:( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون ) إلى قوله:( غفرانك ربنا ) قال:قد غفرت لكم ، ( وإليك المصير ) أي:إليك المرجع والمآب يوم يقوم الحساب .
قال ابن جرير:حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن بيان ، عن حكيم عن جابر قال:لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) قال جبريل:إن الله قد أحسن الثناء عليك وعلى أمتك ، فسل تعطه . فسأل:( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) إلى آخر الآية .