يقول لقومه مقرعا لهم وموبخا على سوء صنيعهم ، في عبادتهم الأوثان:إنما اتخذتم هذه لتجتمعوا على عبادتها في الدنيا ، صداقة وألفة منكم ، بعضكم لبعض في الحياة الدنيا . وهذا على قراءة من نصب ( مودة بينكم ) ، على أنه مفعول له ، وأما على قراءة الرفع فمعناه:إنما اتخاذكم هذا يحصل لكم المودة في الدنيا فقط ( ثم يوم القيامة ) ينعكس هذا الحال ، فتبقى هذه الصداقة والمودة بغضة وشنآنا ، ف ( يكفر بعضكم ببعض ) أي:تتجاحدون ما كان بينكم ، ( ويلعن بعضكم بعضا ) أي:يلعن الأتباع المتبوعين ، والمتبوعون الأتباع ، ( كلما دخلت أمة لعنت أختها ) [ الأعراف:38] ، وقال تعالى:( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) [ الزخرف:67] ، وقال هاهنا ( ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ) أي:ومصيركم ومرجعكم بعد عرصات القيامة إلى النار ، وما لكم من ناصر ينصركم ، ولا منقذ ينقذكم من عذاب الله . وهذا حال الكافرين ، فأما المؤمنون فبخلاف ذلك .
قال ابن أبي حاتم:حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي حدثنا أبو عاصم الثقفي [ حدثنا] الربيع بن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن جعدة بن هبيرة المخزومي ، عن أبيه ، عن جده عن أم هانئ - أخت علي بن أبي طالب - قالت:قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -:"أخبرك أن الله تعالى يجمع الأولين والآخرين يوم القيامة في صعيد واحد ، فمن يدري أين الطرفان "، فقالت:الله ورسوله أعلم . "ثم ينادي مناد من تحت العرش:يا أهل التوحيد ، فيشرئبون "قال أبو عاصم:يرفعون رءوسهم . "ثم ينادي:يا أهل التوحيد ، ثم ينادي الثالثة:يا أهل التوحيد ، إن الله قد عفا عنكم "قال:"فيقول الناس قد تعلق بعضهم ببعض في ظلامات الدنيا - يعني:المظالم - ثم ينادي:يا أهل التوحيد ، ليعف بعضكم عن بعض ، وعلى الله الثواب ".