يخبر تعالى عن الكفار أنهم وقود النار ، ( يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ) [ غافر:52] وليس ما أوتوه في الدنيا من الأموال والأولاد بنافع لهم عند الله ، ولا بمنجيهم من عذابه وأليم عقابه ، بل كما قال تعالى:( ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون ) [ التوبة:85] وقال تعالى:( لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد ) [ آل عمران:196:197] كما قال هاهنا:( إن الذين كفروا ) أي:بآيات الله وكذبوا رسله ، وخالفوا كتابه ، ولم ينتفعوا بوحيه إلى أنبيائه ( لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار ) أي:حطبها الذي تسجر به وتوقد به ، كقوله:( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم [ أنتم لها واردون] ) [ الأنبياء:98] .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي مريم ، أخبرنا ابن لهيعة ، أخبرني ابن الهاد ، عن هند بنت الحارث ، عن أم الفضل أم عبد الله بن عباس قالت:بينما نحن بمكة قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل ، فقال هل بلغت ، اللهم هل بلغت . . . "ثلاثا ، فقام عمر بن الخطاب فقال:نعم . ثم أصبح فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ليظهرن الإسلام حتى يرد الكفر إلى مواطنه ، ولتخوضن البحار بالإسلام ، وليأتين على الناس زمان يتعلمون القرآن ويقرءونه ، ثم يقولون:قد قرأنا وعلمنا ، فمن هذا الذي هو خير منا ، فهل في أولئك من خير ؟ "قالوا:يا رسول الله ، فمن أولئك ؟ قال:"أولئك منكم وأولئك هم وقود النار ". وكذا رأيته بهذا اللفظ .
وقد رواه ابن مردويه من حديث يزيد بن عبد الله بن الهاد ، عن هند بنت الحارث ، امرأة عبد الله بن شداد ، عن أم الفضل ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ليلة بمكة فقال:"هل بلغت "يقولها ثلاثا ، فقام عمر بن الخطاب - وكان أواها - فقال:اللهم نعم ، وحرصت وجهدت ونصحت فاصبر . فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ليظهرن الإيمان حتى يرد الكفر إلى مواطنه ، وليخوضن رجال البحار بالإسلام وليأتين على الناس زمان يقرءون القرآن ، فيقرءونه ويعلمونه ، فيقولون:قد قرأنا ، وقد علمنا ، فمن هذا الذي هو خير منا ؟ فما في أولئك من خير "قالوا:يا رسول الله ، فمن أولئك ؟ قال:"أولئك منكم ، وأولئك هم وقود النار "ثم رواه من طريق موسى بن عبيد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن بنت الهاد ، عن العباس بن عبد المطلب بنحوه .