قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا وأولئك هُمْ وَقُودُ النَّارِ 10} .
ذكر في هذه الآية الكريمة أن الكفار يوم القيامة لا تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم شيئًا ،وذكر أنهم وقود النار أي: حطبها الذي تتقد فيه ،ولم يبين هنا هل نفيه لذلك تكذيب لدعواهم أن أموالهم وأولادهم تنفعهم ،وبيّن في مواضع أُخر أنهم ادعوا ذلك ظنًّا منهم أنه ما أعطاهم الأموال والأولاد في الدنيا إلا لكرامتهم عليه واستحقاقهم لذلك ،وأن الآخرة كالدنيا يستحقون فيها ذلك أيضًا فكذبهم في آيات كثيرة ،فمن الآيات الدالة على أنهم ادعوا ذلك قوله تعالى:{وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ 35} ،وقوله تعالى:{أَفَرَأَيْتَ الذي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وقال لأوتين مَالاً وَوَلَداً 77} ،يعني في الآخرة كما أوتيته في الدنيا .وقوله:{وَلَئِن رُّجّعْتُ إِلَى ربّي إِنَّ لي عِندَهُ لَلْحُسْنَى} ،أي: بدليل ما أعطاني في الدنيا ،وقوله:{وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى ربّي لأجدن خَيْراً مّنْهَا مُنْقَلَباً 36} ،قياسًا منه للآخرة على الدنيا ورد اللَّه عليهم هذه الدعوى في آيات كثيرة كقوله هنا:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ} ،وقوله:{أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ 55 نُسَارِعُ لَهُمْ في الْخَيْراتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ 56} ،وقوله:{وَمَا أَمْوالُكُمْ وَلاَ أَوْلادُكُمْ بالتي تُقَرّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى} ،وقوله:{وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأنفسهم إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمَاً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ 178} ،وقوله:{سَنَسْتَدْرِجُهُم مّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ 182 وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كيدي مَتِينٌ 183} .إلى غير ذلك من الآيات .
وصرح في موضع آخر أن كونهم وقود النار المذكور هنا على سبيل الخلود وهو قوله:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُمْ مّنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ 116} .