نهى الله ، تبارك وتعالى ، عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين ، وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين ، ثم توعد على ذلك فقال:( ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء ) أي:من يرتكب نهي الله في هذا فقد برئ من الله كما قال:( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ) [ النساء:144] وقال [ تعالى] ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم [ إن الله لا يهدي القوم الظالمين] ) [ المائدة:51] .
[ وقال تعالى] ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ) إلى أن قال:( ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل ) [ الممتحنة:1] وقال تعالى - بعد ذكر موالاة المؤمنين للمؤمنين من المهاجرين والأنصار والأعراب -:( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) [ الأنفال:73] .
وقوله:( إلا أن تتقوا منهم تقاة ) أي:إلا من خاف في بعض البلدان أو الأوقات من شرهم ، فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته ، كما حكاه البخاري عن أبي الدرداء أنه قال:"إنا لنكشر في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم ".
وقال الثوري:قال ابن عباس ، رضي الله عنهما:ليس التقية بالعمل إنما التقية باللسان ، وكذا رواه العوفي عن ابن عباس:إنما التقية باللسان ، وكذا قال أبو العالية ، وأبو الشعثاء والضحاك ، والربيع بن أنس . ويؤيد ما قالوه قول الله تعالى:( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان [ ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم] ) [ النحل:106] .
وقال البخاري:قال الحسن:التقية إلى يوم القيامة .
ثم قال تعالى:( ويحذركم الله نفسه ) أي:يحذركم نقمته ، أي مخالفته وسطوته في عذابه لمن والى أعداءه وعادى أولياءه .
ثم قال تعالى:( وإلى الله المصير ) أي:إليه المرجع والمنقلب ، فيجازي كل عامل بعمله .
قال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا مسلم بن خالد ، عن ابن أبي حسين ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن عمرو بن ميمون [ بن مهران] قال:قام فينا معاذ بن جبل فقال:يا بني أود ، إني رسول رسول الله إليكم ، تعلمون أن المعاد [ إلى الله] إلى الجنة أو إلى النار .