قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله ( ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ) قال:اليهود وكذا قال مقاتل بن حيان ، وزاد:كان بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين اليهود موادعة ، وكانوا إذا مر بهم رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - جلسوا يتناجون بينهم ، حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله - أو:بما يكره المؤمن - فإذا رأى المؤمن ذلك خشيهم ، فترك طريقه عليهم . فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النجوى ، فلم ينتهوا وعادوا إلى النجوى ، فأنزل الله:( ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ) .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثني سفيان بن حمزة ، عن كثير ، عن زيد ، عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه ، عن جده قال:كنا نتناوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبيت عنده ; يطرقه من الليل أمر وتبدو له حاجة . فلما كانت ذات ليلة كثر أهل النوب والمحتسبون حتى كنا أندية نتحدث ، فخرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"ما هذا النجوى ؟ ألم تنهوا عن النجوى ؟ ". قلنا:تبنا إلى الله يا رسول الله ، إنا كنا في ذكر المسيح فرقا منه . فقال:"ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي منه ؟ ". قلنا:بلى يا رسول الله ، قال:"الشرك الخفي ، أن يقوم الرجل يعمل لمكان رجل ". هذا إسناد غريب ، وفيه بعض الضعفاء
وقوله:( ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول ) أي:يتحدثون فيما بينهم بالإثم ، وهو ما يختص بهم ، والعدوان وهو ما يتعلق بغيرهم ، ومنه معصية الرسول ومخالفته ، يصرون عليها ويتواصون بها .
وقوله:( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ) قال ابن أبي حاتم:
حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن نمير ، عن الأعمش ، عن مسلم عن مسروق ، عن عائشة قالت:دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهود فقالوا:السام عليك يا أبا القاسم . فقالت عائشة:وعليكم السام واللعنة قالت:فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"يا عائشة ، إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش ". قلت:ألا تسمعهم يقولون:السام عليك ؟ فقال رسول الله:"أوما سمعت أقول:وعليكم ؟ ". فأنزل الله:( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله )
وفي رواية في الصحيح أنها قالت لهم:عليكم السام والذام واللعنة . وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إنه يستجاب لنا فيهم ، ولا يستجاب لهم فينا "
وقال ابن جرير:حدثنا بشر ، حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك:أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينما هو جالس مع أصحابه ، إذ أتى عليهم يهودي فسلم عليهم ، فردوا عليه ، فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -:"هل تدرون ما قال ؟ ". قالوا:سلم يا رسول الله . قال:"بل قال:سام عليكم ، أي:تسامون دينكم ". قال رسول الله:"ردوه ". فردوه عليه . فقال نبي الله:"أقلت:سام عليكم ؟ ". قال:نعم . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا:عليك "أي:عليك ما قلت
وأصل حديث أنس مخرج في الصحيح ، وهذا الحديث في الصحيح عن عائشة بنحوه
وقوله:( ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول ) أي:يفعلون هذا ، ويقولون ما يحرفون من الكلام وإيهام السلام ، وإنما هو شتم في الباطن ، ومع هذا يقولون في أنفسهم:لو كان هذا نبيا لعذبنا الله بما نقول له في الباطن ; لأن الله يعلم ما نسره ، فلو كان هذا نبيا حقا لأوشك أن يعاجلنا الله بالعقوبة في الدنيا ، فقال الله تعالى:( حسبهم جهنم ) أي:جهنم كفايتهم في الدار الآخرة ( يصلونها فبئس المصير )
وقال الإمام أحمد:حدثنا عبد الصمد ، حدثنا حماد ، عن عطاء بن السائب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو أن اليهود كانوا يقولون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -:سام عليك ، ثم يقولون في أنفسهم:( لولا يعذبنا الله بما نقول ) ؟ ، فنزلت هذه الآية:( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير ) إسناد حسن ولم يخرجوه
وقال العوفي ، عن ابن عباس:( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ) قال:كان المنافقون يقولون لرسول الله إذا حيوه:"سام عليك "قال الله:( حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير ) .