يخبر تعالى أنه لما أنظر إبليس ( إلى يوم يبعثون ) واستوثق إبليس بذلك ، أخذ في المعاندة والتمرد ، فقال:( فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ) أي:كما أغويتني .
قال ابن عباس:كما أضللتني . وقال غيره:كما أهلكتني لأقعدن لعبادك - الذين تخلقهم من ذرية هذا الذي أبعدتني بسببه - على ( صراطك المستقيم ) أي:طريق الحق وسبيل النجاة ، ولأضلنهم عنها لئلا يعبدوك ولا يوحدوك بسبب إضلالك إياي .
وقال بعض النحاة:الباء هاهنا قسمية ، كأنه يقول:فبإغوائك إياي لأقعدن لهم صراطك المستقيم .
قال مجاهد:( صراطك المستقيم ) يعني:الحق .
وقال محمد بن سوقة ، عن عون بن عبد الله:يعني طريق مكة .
قال ابن جرير:والصحيح أن الصراط المستقيم أعم من ذلك كله .
قلت:لما روى الإمام أحمد:
حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا أبو عقيل - يعني الثقفي عبد الله بن عقيل - حدثنا موسى بن المسيب ، أخبرني سالم بن أبي الجعد عن سبرة بن أبي فاكه قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن الشيطان قعد لابن آدم بطرقه ، فقعد له بطريق الإسلام ، فقال:أتسلم وتذر دينك ودين آبائك؟ "قال:"فعصاه وأسلم "قال:"وقعد له بطريق الهجرة فقال:أتهاجر وتدع أرضك وسماءك ، وإنما مثل المهاجر كالفرس في الطول؟ فعصاه وهاجر ، ثم قعد له بطريق الجهاد ، وهو جهاد النفس والمال ، فقال:تقاتل فتقتل ، فتنكح المرأة ويقسم المال؟ "قال:"فعصاه ، فجاهد "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فمن فعل ذلك منهم فمات ، كان حقا على الله أن يدخله الجنة ، أو قتل كان حقا على الله ، عز وجل ، أن يدخله الجنة ، وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة ، أو وقصته دابة كان حقا على الله أن يدخله الجنة "