يمتن تبارك وتعالى على عباده بما جعل لهم من اللباس والريش فاللباس المذكور هاهنا لستر العورات - وهي السوءات والرياش والريش:هو ما يتجمل به ظاهرا ، فالأول من الضروريات ، والريش من التكملات والزيادات .
قال ابن جرير:"الرياش "في كلام العرب:الأثاث ، وما ظهر من الثياب .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس - وحكاه البخاري - عنه:الرياش المال . وكذا قال مجاهد ، وعروة بن الزبير ، والسدي والضحاك .
وقال العوفي ، عن ابن عباس:"الرياش "اللباس ، والعيش ، والنعيم .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:"الرياش "الجمال .
وقال الإمام أحمد:حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا أصبغ ، عن أبي العلاء الشامي قال:لبس أبو أمامة ثوبا جديدا ، فلما بلغ ترقوته قال:الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي ، وأتجمل به في حياتي . ثم قال:سمعت عمر بن الخطاب يقول:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من استجد ثوبا فلبسه فقال حين يبلغ ترقوته:الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي ، وأتجمل به في حياتي ثم عمد إلى الثوب الذي خلق أو ألقى فتصدق به ، كان في ذمة الله ، وفي جوار الله ، وفي كنف الله حيا وميتا ، حيا وميتا ، حيا وميتا ".
ورواه الترمذي ، وابن ماجه ، من رواية يزيد بن هارون ، عن أصبغ - هو ابن زيد الجهني - وقد وثقه يحيى بن معين وغيره ، وشيخه "أبو العلاء الشامي "لا يعرف إلا بهذا الحديث ، ولكن لم يخرجه أحد ، والله أعلم .
وقال الإمام أحمد أيضا:حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا مختار بن نافع التمار ، عن أبي مطر ; أنه رأى عليا ، رضي الله عنه ، أتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم ، ولبسه إلى ما بين الرسغين إلى الكعبين ، يقول ولبسه:الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس ، وأواري به عورتي . فقيل:هذا شيء ترويه عن نفسك أو عن نبي الله صلى الله عليه وسلم؟ قال:هذا شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند الكسوة:"الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس ، وأواري به عورتي "
وقوله تعالى:( ولباس التقوى ذلك خير ) قرأ بعضهم:"ولباس التقوى "، بالنصب . وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء ، ( ذلك خير ) خبره .
واختلف المفسرون في معناه ، فقال عكرمة:يقال:هو ما يلبسه المتقون يوم القيامة . رواه ابن أبي حاتم .
وقال زيد بن علي ، والسدي ، وقتادة ، وابن جريج:( ولباس التقوى ) الإيمان .
وقال العوفي ، عن ابن عباس رضي الله عنه:( ولباس التقوى ) العمل الصالح .
وقال زياد بن عمرو ، عن ابن عباس:هو السمت الحسن في الوجه .
وعن عروة بن الزبير:( لباس التقوى ) خشية الله .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:( لباس التقوى ) يتقي الله ، فيواري عورته ، فذاك لباس التقوى .
وكل هذه متقاربة ، ويؤيد ذلك - الحديث الذي رواه ابن جرير حيث قال:
حدثني المثنى ، حدثنا إسحاق بن الحجاج ، حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، عن سليمان بن أرقم ، عن الحسن قال:رأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه قميص قوهي محلول الزر ، وسمعته يأمر بقتل الكلاب ، وينهى عن اللعب بالحمام . ثم قال:يا أيها الناس ، اتقوا الله في هذه السرائر ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"والذي نفس محمد بيده ، ما عمل أحد قط سرا إلا ألبسه الله رداء علانية ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر "ثم تلا هذه الآية:"ورياشا "ولم يقرأ:وريشا - ( ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله ) قال:"السمت الحسن ".
هكذا رواه ابن جرير من رواية سليمان بن أرقم وفيه ضعف . وقد روى الأئمة:الشافعي ، وأحمد ، والبخاري في كتاب "الأدب "من طرق صحيحة ، عن الحسن البصري ; أنه سمع أمير المؤمنين عثمان بن عفان يأمر بقتل الكلاب وذبح الحمام ، يوم الجمعة على المنبر .
وأما المرفوع منه فقد روى الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير - له شاهدا من وجه آخر ، حيث قال:حدثنا . . .