لما ذكر تعالى أنه خالق السماوات والأرض ، وأنه المتصرف الحاكم المدبر المسخر ، وأرشد إلى دعائه; لأنه على ما يشاء قادر - نبه تعالى على أنه الرزاق ، وأنه يعيد الموتى يوم القيامة فقال:"وهو الذي يرسل الرياح نشرا "أي:ناشرة بين يدي السحاب الحامل للمطر ، ومنهم من قرأ ) بشرا ) كقوله ( ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات ) [ الروم:46] .
وقوله:( بين يدي رحمته ) أي:بين يدي المطر ، كما قال:( وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد ) [ الشورى:28] وقال ( فانظر إلى أثر رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير ) [ الروم:50] .
وقوله:( حتى إذا أقلت سحابا ثقالا ) أي:حملت الرياح سحابا ثقالا أي:من كثرة ما فيها من الماء ، تكون ثقيلة قريبة من الأرض مدلهمة ، كما قالزيد بن عمرو بن نفيل ، رحمه الله:
وأسلمت وجهي لمن أسلمت له المزن تحمل عذبا زلالا وأسلمت وجهي لمن أسلمت
له الأرض تحمل صخرا ثقالا .
وقوله:( سقناه لبلد ميت ) أي:إلى أرض ميتة ، مجدبة لا نبات فيها ، كما قال تعالى:( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون ) [ يس:33] ; ولهذا قال:( فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى ) أي:كما أحيينا هذه الأرض بعد موتها ، كذلك نحيي الأجساد بعد صيرورتها رميما يوم القيامة ، ينزل الله ، سبحانه وتعالى ، ماء من السماء ، فتمطر الأرض أربعين يوما ، فتنبت منه الأجساد في قبورها كما ينبت الحب في الأرض . وهذا المعنى كثير في القرآن ، يضرب الله مثلا للقيامة بإحياء الأرض بعد موتها; ولهذا قال:( لعلكم تذكرون ) .