أمر تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - بجهاد الكفار والمنافقين والغلظة عليهم ، كما أمره بأن يخفض جناحه لمن اتبعه من المؤمنين ، وأخبره أن مصير الكفار والمنافقين إلى النار في الدار الآخرة . وقد تقدم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال:بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربعة أسياف ، سيف للمشركين:( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين ) [ التوبة:5] وسيف للكفار أهل الكتاب:( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) [ التوبة:29] وسيف للمنافقين:( جاهد الكفار والمنافقين ) [ التوبة:73 ، التحريم:9] وسيف للبغاة:( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ) [ الحجرات:9] .
وهذا يقتضي أنهم يجاهدون بالسيوف إذا أظهروا النفاق ، وهو اختيار ابن جرير .
وقال ابن مسعود في قوله تعالى:( جاهد الكفار والمنافقين ) قال:بيده ، [ فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه] فإن لم يستطع فليكفهر في وجهه .
وقال ابن عباس:أمره الله تعالى بجهاد الكفار بالسيف ، والمنافقين باللسان ، وأذهب الرفق عنهم .
وقال الضحاك:جاهد الكفار بالسيف ، واغلظ على المنافقين بالكلام ، وهو مجاهدتهم . وعن مقاتل والربيع مثله .
وقال الحسن وقتادة:مجاهدتهم:إقامة الحدود عليهم .
وقد يقال:إنه لا منافاة بين هذه الأقوال ، لأنه تارة يؤاخذهم بهذا ، وتارة بهذا بحسب الأحوال ، والله أعلم .