القول في تأويل قوله تعالى:يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)
قال أبو جعفر:ذكر أن يوسف صلوات الله عليه قال هذا القول للفتيين اللذين دخلا معه السجن ، لأن أحدهما كان مشركًا ، فدعاه بهذا القول إلى الإسلام وترك عبادة الآلهة والأوثان ، فقال:(يا صاحبي السجن)، يعني:يا من هو في السجن، وجعلهما "صاحبيه "لكونهما فيه ، كما قال الله تعالى لسكان الجنة:فَـأُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَوكذلك قال لأهل النار ، وسماهم "أصحابها "لكونهم فيها . (1)
* * *
وقوله:(أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) ، يقول:أعبادة أرباب شتى متفرقين وآلهة لا تنفع ولا تضر، خيرٌ أم عبادة المعبود الواحد الذي لا ثاني له في قدرته وسلطانه ، الذي قهر كل شي فذلـله وسخره، فأطاعه طوعًا وكرهًا . (2)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
*ذكر من قال ذلك:
19289 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، &; 16-105 &; قوله:(يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون) إلى قوله:لا يَعْلَمُونَ، لما عرف نبيُّ الله يوسف أن أحدهما مقتولٌ، دعاهما إلى حظّهما من ربهما، وإلى نصيبهما من آخرتهما.
19290 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد:(يا صاحبي السجن) يوسفُ يقوله.
19291-... قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
19292 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال:ثم دعاهما إلى الله وإلى الإسلام ، فقال:(يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار)، أي:خيرٌ أن تعبدوا إلهًا واحدًا ، أو آلهة متفرقة لا تغني عنكم شيئا؟
* * *
----------------------
الهوامش:
(1) انظر تفسير"الصاحب"، فيما سلف من فهارس اللغة ( صحب ) .
(2) انظر تفسير"القهار"فيما سلف 13:42 ، تعليق:1 ، والمراجع هناك .