/م39
{ يا صاحبي السجن} أضافهما إلى السجن بمعنى يا ساكني السجن أو بمعنى ياصاحبي في السجن كما قيل:
* يا سارق الليلة أهل الدار*
أي سارقهم فيها{ أأرباب متفرقون} هذا استفهام تقرير بعد تحيير ، ومقدمة لأظهر برهان على التوحيد ، وكان المصريون المخاطبون به يعبدون كغيرهم من الأمم أربابا متفرقين في ذواتهم ، وفي صفاتهم المعنوية التي ينعتونهم بها ، وفي صفاتهم الحسية التي يصورها لهم الكهنة والرؤساء بالرسوم المنقوشة والتماثيل المنصوبة في المعابد والهياكل ، وفي الأعمال التي يسندونها إليهم بزعمهم ، فهو يقول لصاحبيه"أأرباب متفرقون "أي عديدون هذا شأنهم في التفرق والانقسام ، وما يقتضيه بطبعه من التنازع والاختلاف في الأعمال ، والتدبير المفسد للنظام ، هو{ خير} لكما ولغيركما من الأفراد والأقوام ، فيما تطلبون ويطلبون من كشف الضر وجلب النفع ، وكل ما تحتاجون فيه إلى المعونة والتوفيق من عالم الغيب .
{ أم الله} الواجب الوجود ، الخالق لكل موجود{ الواحد} في ذاته وصفاته وأفعاله ، المنفرد الخلق والتقدير والتسخير ، الذي لا ينازع ولا يعارض في التصرف والتدبير{ القهار} بقدرته التامة وإرادته العامة ، وعزته الغالبة ، لجميع القوى والسنن والنواميس التي يقوم بها نظام العوالم السماوية والأرضية ، كالنور والهواء والماء الظاهرة ، والملائكة والشياطين الباطنة ، التي كان الجهل بحقيقتها ، وسبب اختلاف مظاهرها ، هو سبب عبادتها والقول بربوبيتها ؟ الجواب الذي لا يختلف فيه عاقلان أدركا السؤال:بل:هو الله الواحد القهار ، لا رب غيره ولا إله سواه ، ولذلك رتب عليه قوله:{ ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( 40 )} .