القول في تأويل قوله تعالى:وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره:فلما رجع الرسول الذي أرسلوه إلى يوسف ، الذي قال:أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِفأخبرهم بتأويل رؤيا الملك عن يوسف،علم الملك حقيقة ما أفتاه به من تأويل رؤياه وصحة ذلك ، وقال الملك:ائتوني بالذي عبَر رؤياي هذه . كالذي:-
19392 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال:فخرج نبو من عند يوسف بما أفتاهم به من تأويل رؤيا الملك حتى أتى الملك ، فأخبره بما قال ، فلما أخبره بما في نفسه كمثل النهار، (19) وعرف أن الذي قال كائن كما قال، قال:"ائتوني به ".
19393 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي قال:لما أتى الملك رسوله قال:"ائتوني به ".
* * *
وقوله:(فلما جاءه الرسول)، يقول:فلما جاءه رسول الملك يدعوه إلى الملك، (قال ارجع إلى ربك)، يقول:قال يوسف للرسول:ارجع إلى سيدك (20) (فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن)؟ وأبى أن يخرج مع الرسول وإجابةَ الملك، حتى يعرف صحّة أمره عندهم مما كانوا قرفوه به من شأن النساء ، (21) فقال للرسول:سل الملك ما شأن النسوة اللاتي قطعن أيديهن ، والمرأة التي سجنت بسببها ؟ كما:-
&; 16-134 &;
19394 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق:(فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن)، والمرأة التي سجنت بسبب أمرها، عما كان من ذلك.
19395 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي قال:لما أتى الملك رسوله فأخبره، قال:( ائتوني به)، فلما أتاه الرسول ودعاه إلى الملك، أبى يوسف الخروجَ معه، ( قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن) الآية . قال السدي ، قال ابن عباس:لو خرج يوسف يومئذ قبل أن يعلمَ الملك بشأنه ، ما زالت في نفس العزيز منه حاجَةٌ ! يقول:هذا الذي راود امرأته.
19396 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن رجل ، عن أبي الزناد ، عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:يرحم الله يوسف إن كان ذا أناة ! لو كنت أنا المحبوس ثم أرسل إليَّ لخرجت سريعًا ، إن كان لحليمًا ذا أناة! (22)
19397- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا محمد بن بشر قال ، حدثنا محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو سلمة ، عن أبي هريرة قال:قال النبي صلى الله عليه وسلم:لو لبثت في السجن ما لبث يوسف، ثم جاءني الداعي لأجبته ، إذ جاءه الرسول فقال:( ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن) الآية . (23)
19398- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال ،أخبرني سليمان بن بلال ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بمثله . (24)
19399- حدثنا زكريا بن أبان المصريّ قال ، حدثنا سعيد بن تليد قال ، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم قال ، حدثني بكر بن مضر ، عن عمرو بن الحارث ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب قال، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:لو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي . (25)
19400- حدثني يونس قال ،أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، وسعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بمثله (26) .
19401- حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عفان بن مسلم قال ، حدثنا &; 16-136 &; حماد ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقرأ هذه الآية:(ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم)، قال النبي صلى الله عليه وسلم:لو كنت أنا، لأسرعت الإجابة وما ابتغيت العُذر . (27)
19402- حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج بن المنهال قال ، حدثنا حماد ، عن ثابت ، عن النبي صلى الله عليه وسلم،ومحمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:أنه قرأ:(ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن)، الآية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:لو بعث إليَّ لأسرعت في الإجابة، وما ابتغيت العذر. (28)
19403 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ،أخبرنا عبد الرزاق قال ،أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه ، والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ، ولو كنت مكانه ما أخبرتهم بشيء حتى أشترط أن يخرجُوني.
ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه، والله يغفر له حين أتاه الرسول ، ولو كنت مكانه لبادرتهم البابَ ، ولكنه أراد أن يكون له العذر. (29)
19404- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله:(ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة)، أراد نبيُّ الله عليه السلام أن لا يخرج حتى يكون له العذر.
19405- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن &; 16-137 &; ابن جريج ، قوله:(ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن)، قال:أراد يوسف العذر قبل أن يخرج من السجن.
* * *
وقوله:(إن ربي بكيدهن عليم)، يقول:إن الله تعالى ذكره ذو علم بصنيعهن وأفعالهن التي فعلن، بي ويفعلن بغيري من الناس ، لا يخفى عليه ذلك كله ، وهو من ورَاء جزائهن على ذلك . (30)
* * *
وقيل:إن معنى ذلك:إن سيدي إطفير العزيز، زوج المرأة التي راودتني عن نفسي، ذو علم ببراءتي مما قرفتني به من السوء. (31)
----------------------
الهوامش:
(19) في المطبوعة:"بمثل النهار"، وهي في المخطوطة سيئة الكتابة ، والصواب ما أثبت .
(20) انظر تفسير"الرب"فيما سلف ص:107 ، تعليق:1 ، والمراجع هناك .
(21) في المطبوعة:"قذفوه"، وأثبت الصواب من المخطوطة ."قرفه بالشيء"، اتهمه به .
(22) الأثر:19396 - هذا حديث ضعيف الإسناد ، لإبهام الرجل الذي حدث عن أبي الزناد .
(23) الأثر:19397 - حديث محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، رواه أبو جعفر من ثلاث طرق ، هذا ، والذي يليه ، ورقم:19401 ، 19402 .
و"محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي"، ثقة ، روى له الجماعة ، مضى برقم:12822 ، وغيرها قبله وبعده .
ومن طريق محمد بن عمرو ، ورواه أحمد في مسند أبي هريرة ، ونقله بإسناده ولفظه ابن كثير في تفسيره 4:448 ، قال:"حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة". ولم أوفق لاستخراجه من المسند ، لطول مسند أبي هريرة .
وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 7:40 ، وقال:"قلت:له حديث في الصحيح غير هذا - رواه أحمد ، وفيه محمد بن عمرو ، وهو حسن الحديث".
(24) الأثر:19398 - مكرر الذي قبله .
"سليمان بن بلال التيمي"، ثقة روى له الجماعة ، مضى مرارًا ، آخرها رقم:11503 .
(25) الأثر:19399 -:زكريا بن أبان المصري"، هو"زكريا بن يحيى بن أبان المصري"، شيخ الطبري ، وسلف برقم:5973 ، 12803 ، وانظر ما كتبته عن الشك في أمره هناك . وكان في المطبوعة:"المقرئ"، فكان"المصري"، لم يحسن قراءة المخطوطة .
وهذا الخبر صحيح الإسناد ، رواه البخاري في صحيحه ( الفتح 8:277 ) ، عن سعيد بن تليد ، بمثله مطولا ، وانظر التعليق التالي .
(26) الأثر:19400 - هذه طريق أخرى للأثر السالف .
ومن هذه الطريق رواه البخاري في صحيحه مطولا ( الفتح 6:293 - 295 ) ، واستقصى الحافظ شرحه وتخريجه هناك .
ورواه مسلم في صحيحه مطولا 2:183 / 15:122 ، 123 .
(27) الأثر:19401 - من هذه الطريق رواه أحمد في مسنده ، وانظر التعليق على رقم:19397 .
(28) الأثر:19042 - هو حديث محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، كما بينته في رقم:19397 .
(29) الأثر:19403 - هذا حديث مرسل .
(30) انظر تفسير"الكيد"فيما سلف ص:88 ، تعليق:2 ، والمراجع هناك .
،وتفسير"عليم"فيما سلف من فهارس اللغة ( علم ) .
(31) في المطبوعة:"قذفتني به"، والصواب من المخطوطة:أي:اتهمتني به .