{مَا بَالُ النِّسْوَةِ}: أي ما شأنهن .
تفسير الحلم أثار اهتمام الملك
وجاء هذا الساقي بالتفسير الموجّه للحُلُم الملكي الذي أثار في وجدان الملك الإحساس بخطورة الوضع الاقتصادي لحياة الناس مستقبلاً ،إذ سيتراوح وضعهم بين التخمة ،والمجاعة ،كما يبين الحلم الغريب ،وربما شعر بأن هذا الرجل الذي أعطى التفسير لهذا الحلم ،يملك فكراً عميقاً ،وذهناً منفتحاً أثار في نفسه الرغبة في التعرّف إليه ،والاستفادة منه ،والاستعانة به في مواجهة المشاكل التي يمكن أن تطرأ مستقبلاً ،ولعله ربط بين تفسير الحلم في هذا الاتجاه ،وبين خبرته في هذا المجال ،وهكذا أبدى رغبته في استقدامه إليه ،وإخراجه من ظلام السجن .
{وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ} لأعرف تفاصيل هذا التفسير ،فإن الذي أطلق الفكرة من خلال الحلم لا بد أن يكون مطّلعاً على تفاصيلها ،لا سيّما في ما نلاحظه من خطورة المستقبل الذي يطلّ عليه .وذهب الرسول يستدعي يوسف ،إلى الملك ،ويستحثه للخروج من السجن والقدوم إلى أجواء الحرية ،حيث ينتظره جاه عريض قد يحصل عليه بحظوته لدى الملك الذي استطاع أن يثير اهتمامه الكبير .
يوسف( ع ) يطالب بإظهار براءته
على أن يوسف الذي شعر أن المستقبل ينتظره من موقع الحاجة إلى ما يحمله من معرفة لم يلهث وراء ذلك كله ،ولم ينبهر به ،لأنه يعرف أن الله الذي علّمه تأويل الأحلام ،هو الذي يدبّر أموره ،فيعزّز له مواقعه في هذه الساحة وفي الساحات الأخرى ،ولهذا تحدث مع الرسول من موقع الإنسان الواثق بنفسه وبدوره ،من خلال ثقته بربه ،فأراد أن يبرز من موقع الماضي النظيف الطاهر الذي حاولت امرأة العزيز وصويحباتها ،أن يشوّهنه بالأساليب الإعلامية المضادّة التي حاولت إظهاره كإنسان يتحرّك من مواقع الغريزة الجنسية ،ليعبث ويراود ويستجيب للمراودة ويعتدي ،ويدخل السجن بسبب ذلك ؛لقد أراد أن يخرج من السجن خروج الأبرياء الذين دخلوه ظلماً دون أيّ ذنب ،لأن الذنب الذي نسب إليه لا يمثل شيئاً من الحقيقة .
{فَلَمَّا جَآءهُ الرَّسُولُ} وطلب منه المجيء إلى الملك والاستجابة لرغبته في الحضور عنده ،{قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} وسيّدك ،وبلّغه أني أخرج من السجن إلا بعد أن يظهر براءتي من التهمة التي وجّهت إلي ،{فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} وأردن منه الاستجابة لرغبتهن ،وعندما رفض ذلك كدن له ،بتلفيق تهمة الاعتداء ضدّه ،{إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} فهو يعلم خفايا أمورهن ،وأسرارهن والإساءة له .