يقول تعالى ذكره:وعلى الله أيها الناس بيان طريق الحقّ لكم، فمن اهتدى فلنفسه ، ومن ضلّ فإنما يضلّ عليها ، والسبيل:هي الطريق، والقصد من الطريق المستقيم الذي لا اعوجاج فيه، كما قال الراجز:
فَصَدَّ عَنْ نَهْجِ الطَّرِيقِ القاصِدِ (3)
وقوله ( وَمِنْهَا جَائِرٌ ) يعني تعالى ذكره:ومن السبيل جائر عن الاستقامة معوجّ، فالقاصد من السبيل:الإسلام، والجائر منها:اليهودية والنصرانية ، وغير ذلك من ملل الكفر كلها جائر عن سواء السبيل وقصدها، سوى الحنيفية المسلمة ، وقيل:ومنها جائر، لأن السبيل يؤنث ويذكر، فأنثت في هذا الموضع ، وقد كان بعضهم يقول:وإنما قيل:ومنها ، لأن السبيل وإن كان لفظها لفظ واحد فمعناها الجمع.
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال:أخبرنا أبو صالح، قال:ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) يقول:البيان.
حدثنا محمد بن سعد ، قال:ثني أبي، قال:ثني عمي، قال:ثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) يقول:على الله البيان، أن يبين الهدى والضلالة.
حدثني محمد بن عمرو، قال:ثنا أبو عاصم، قال:ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال:ثنا الحسن. قال:ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال:أخبرنا أبو حذيفة، قال:ثنا شبل وحدثني المثنى، قال:أخبرنا إسحاق، قال:ثنا عبد الله، عن ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) قال:طريق الحقّ على الله.
حدثنا القاسم، قال:ثنا الحسين، قال:ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله ( وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) يقول:على الله البيان، بيان حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته.
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد، في قوله ( وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) قال:السبيل:طريق الهدى.
حدثنا ابن وكيع، قال:ثنا أبو معاوية، عن جويبر، عن الضحاك ( وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) قال:إنارتها.
حُدثت عن الحسين، قال:سمعت أبا معاذ يقول:ثنا عبيد بن سليمان، قال:سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) يقول:على الله البيان، يبين الهدى من الضلالة، ويبين السبيل التي تفرّقت عن سبله، ومنها جائر.
حدثنا بشر ، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة ( وَمِنْهَا جَائِرٌ ):أي من السبل، سبل الشيطان ، وفي قراءة عبد الله بن مسعود:"وَمِنْكُمْ جَائِرٌ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَهَدَاكُمْ أجمَعِينَ".
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال:ثنا محمد بن ثور، عن معمر ، عن قتادة ( وَمِنْهَا جَائِرٌ ) قال:في حرف ابن مسعود:"وَمِنْكُمْ جَائِرٌ".
حدثني محمد بن سعد، قال:ثني أبي، قال:ثني عمي، قال:ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله ( وَمِنْهَا جَائِرٌ ) يعني:السبل المتفرّقة.
حدثني عليّ بن داود، قال:ثنا عبد الله، قال:ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله ( وَمِنْهَا جَائِرٌ ) يقول:الأهواء المختلفة.
حُدثت عن الحسين، قال:سمعت أبا معاذ يقول:ثنا عبيد بن سليمان، قال:سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَمِنْهَا جَائِرٌ ) يعني السبل التي تفرّقت عن سبيله.
حدثنا القاسم، قال:ثنا الحسين، قال:ثني حجاج، عن ابن جريج ( وَمِنْهَا جَائِرٌ ) السبل المتفرقة عن سبيله.
حدثنا يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد، في قوله ( وَمِنْهَا جَائِرٌ ) قال:من السبل جائر عن الحقّ قال:قال اللهوَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ
وقوله ( وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) يقول:ولو شاء الله للطف بجميعكم أيها الناس بتوفيقه، فكنتم تهتدون وتلزمون قصد السبيل ، ولا تجورون عنه ، فتتفرّقون في سبل عن الحقّ جائرة.
كما حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد، في قوله ( وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) قال:لو شاء لهداكم أجمعين لقصد السبيل ، الذي هو الحقّ ، وقرأوَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًاالآية، وقرأوَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا... الآية.
------------------------
الهوامش:
(3) البيت شاهد على أن الطريق القاصد معناه:المستقيم . قال في اللسان:القصد:استقامة الطريق ، قصد يقصد قصدا فهو قاصد ، وقوله تعالى:( وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ) أي على الله تبيين الطريق المستقيم ، والدعاء بالحجج والبراهين الواضحة . "ومنها جائر "أي ومنها طريق غير قاصد .
وطريق قاصد:سهل مستقيم .