وقوله:( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) فقال بعضهم:عُنِي بقوله:( فَلا أُقْسِمُ ):أقسم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُميد، قال:ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن جُرَيج، عن الحسن بن مسلم عن سعيد بن جبير ( فَلا أُقْسِمُ ) قال:أقسم.
وقال بعض أهل العربية:معنى قوله:( فَلا ) فليس الأمر كما تقولون ثم استأنف القسم بعد فقيل أقسم وقوله:( بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم:معناه:فلا أقسم بمنازل القرآن، وقالوا:أنـزل القرآن على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نجومًا متفرّقة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال:ثنا هشيم، قال:أخبرنا حُصَين، عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال:نـزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فرق في السنين بعد. قال:وتلا ابن عباس هذه الآية ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قال:نـزل متفرّقًا.
حدثنا ابن حُميد، قال:ثنا يحيى بن واضح، قال:ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، في قوله:( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قال:أنـزل الله القرآن نجومًا ثلاث آيات وأربع آيات وخمس آيات.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا المعتمر، عن أبيه، عن عكرِمة:إن القرآن نـزل جميعًا، فوضع بمواقع النجوم، فجعل جبريل يأتي بالسورة، وإنما نـزل جميعًا في ليلة القدر.
حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي، قال:ثنا أبي، عن أبيه، عن جده، عن الأعمش، عن مجاهد ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قال:هو مُحْكَم القرآن.
حدثني محمد بن سعيد، قال:ثني أبي، قال:ثني عمي، قال:ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) قال:مستقرّ الكتاب أوّله وآخره.
وقال آخرون:بل معنى ذلك:فلا أقسم بمساقط النجوم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال:ثنا أبو عاصم، قال:ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال:ثنا الحسن، قال:ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:( بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قال في السماء ويقال مطالعها ومساقطها.
حدثني بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) أي مساقطها.
وقال آخرون:بل معنى ذلك:بمنازل النجوم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قال:بمنازل النجوم.
وقال آخرون:بل معنى ذلك:بانتثار النجوم عند قيام الساعة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله:( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قال:قال الحسن انكدارها وانتثارها يوم القيامة.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال:معنى ذلك:فلا أقسم بمساقط النجوم ومغايبها في السماء، وذلك أن المواقع جمع موقع، والموقع المفعل، من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا:هو أولى معانيه به.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الكوفة بموقع على التوحيد، وقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين بمواقع:على الجماع.
والصواب من القول في ذلك، أنهما قراءتان معروفتان بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.