القول في تأويل قوله:وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره:أقسم، يا محمد، لقد جئنا هؤلاء الكفرة بكتاب = يعني القرآن الذي أنـزله إليه. يقول:لقد أنـزلنا إليهم هذا القرآن، مفصَّلا مبيَّنًا فيه الحق من الباطل ="على علم "، يقول:على علم منا بحقِّ ما فُصِّل فيه، من الباطل الذي مَيَّز فيه بينه وبين الحق (1) = "هدى ورحمة "، يقول:بيناه ليُهْدَى ويُرْحَم به قومٌ يصدقون به، وبما فيه من أمر الله ونهيه، وأخباره، ووعده ووعيده، فينقذهم به من الضلالة إلى الهدى.
وهذه الآية مردودة على قوله:كِتَابٌ أُنْـزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ[ سورة الأعراف 2] ="ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم ".
* * *
و "الهدى "في موضع نصب على القطع من "الهاء "التي في قوله:"فصلناه "، (2) ولو نصب على فعل "فصلناه "، (3) فيكون المعنى:فصلنا الكتاب كذلك = كان صحيحًا.
ولو قرئ:"هدى ورحمةٍ"كان في الإعراب فصيحًا، وكان خفض ذلك بالردِّ على "الكتاب ". (4)
---------------------
الهوامش:
(1) انظر تفسير"التفصيل"فيما سلف ص:402 ، تعليق:1 ، والمراجع هناك.
(2) "القطع"، الحال ، وانظر فهارس المصطلحات.
(3) نصبه على"الفعل"، أي:هو مفعول مطلق ، من غير فعله ، كأنه قال:فصلناه تفصيلا.
(4) انظر معاني القرآن للفراء 1:380.