علاقة الآية بما قبلها : وبعد التحريض على الإِنفاق في سبيل الله، وإعذار المتولين ليتداركوا صلاحهم باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن حكمته قد اقتضت أن يرسل رسله إلى الناس؛ ليهدوهم إلى طريق الحق، وأن الناس منهم من اتبع الرسل، ومنهم من أعرض عنهم، ومنهم من ابتدع أمورًا من عند نفسه، قال تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ولَمَّا كان الإعراضُ بعدَ الإبلاغِ في الإيضاحِ مُوجِبًا للرَّدِّ على الفَسادِ بأنواعِ الجِهادِ؛ قال مُهَدِّدًا ومُمْتَنًّا، ترغيبًا وترهيبًا: وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ولَمَّا كان طَلَبُ النُّصْرةِ مَظِنَّةً لتَوَهُّمِ الضَّعفِ؛ نفى ذلك، وذَكَر أنَّه غَنِيٌّ عن نُصرتِه بقُدرتِه وعِزَّتِه، وأنَّه إنَّما كَلَّفَهم الجِهادَ لِمَنفعةِ أنفُسِهم، وتحصيلِ ما يترَتَّبُ لهم مِن الثَّوابِ، قال تعالى:
﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾