قوله تعالى : { قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ } ؛ فيه إخبار أنهم كانوا جاهلين عند وقوع الفعل منهم وأنهم لم يكونوا جاهلين في هذا الوقت ، فمن الناس من يستدلّ بذلك على أنهم فعلوا ذلك قبل البلوغ لأنهم لو فعلوه بعد البلوغ مع أنهم لم تظهر منهم توبة لكانوا جاهلين في الحال ، وإنما أراد جهالة الصبا لا جهالة المعاصي . وقول يوسف : { لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ اليَوْمَ يَغْفِرُ الله لَكُمْ } يدلّ على أنهم فعلوه بعد البلوغ وأن ذلك كان ذنباً منهم يجب عليهم الاستغفار منه ؛ وظاهر الكلام يدل على أنهم تابوا بقولهم : { لَقَدْ آثَرَكَ الله عَلَيْنَا وإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ } ويدل عليه قولهم : { يا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ } ، ولا يقول مثله من فعل شيئاً في حال الصغر قبل أن يجري عليه القلم . وقوله : { يا أَبَانا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنَا } إنما جاز لهم مسألة الاستغفار مع حصول التوبة لأجل المَظْلَمَةِ المعلّقة بعفو المظلوم وسؤال ربه أن لا يأخذه بما عامله ، ويجوز أن يكون إنما سأله أن يبلغه بدعائه منزلة من لم يكن في جناية .