{قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون} .
تأثر يوسف بما تكلم به إخوته ،وأراد أن يرشدهم إلى طريق التوبة فقال لهم: ما أعظم ما فعلتم بيوسف وأخيه في حال جهلكم بحقوق إخوتكم عليكم ،وبعاقبة البغي والعقوق .وقد يكون المراد من الجهل: الطيش والنزق واتباع الهوى ،وطاعة الحسد والأثرة .
وقد قال لهم هذه المقالة ؛تمهيدا لتعريفهم بنفسه ،بعد أن بلغ الكتاب أجله .
وكأن يوسف أراد أن يرشدهم إلى عظم ما اقترفوا في حق يوسف وأخيه ،في حال جهلهم ،ليتنبهوا إلى التوبة إلى الله تعالى مما فعلوا ؛لأن معرفة الإنسان بقبح الذنب يجره إلى الندم والتوبة منه .
فكان كلامه شفقة عليهم ،وتنصحا لهم في الدين ؛لا معاتبة وتثريبا ؛إيثارا لحق الله على نفسه42 .في ذلك المقام الذي يتنفس فيه المكروب ،فلله تعالى هذا الخلق النبوي الكريم .
وكان سؤاله إياهم ،سؤال العارف بأمرهم من البداية إلى النهاية ،مصدقا لما أوحاه الله إليه ،حين ألقوه في غيابت الجب من قوله:{وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون} . ( يوسف:15 ) .