قوله تعالى : { مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامراً تَهْجُرُونَ } قرىء بفتح التاء وضم الجيم ، وقرىء بضم التاء وكسر الجيم ؛ فقيل في " تهجرون " قولان ، أحدهما : قول ابن عباس " تَهْجُرُون الحق بالإعراض عنه " وقال مجاهد وسعيد بن جبير : " تقولون الهجر وهو السيّىء من القول " . ومن قرأ : " تُهْجِرُونَ " فليس إلاّ من الهُجْرِ ، عن ابن عباس وغيره : " يقال أهجر المريض إذا هَذَى " . ووَحَّد " سامرا " وإن كان المراد السمّار لأنه في موضع المصدر ، كما يقال : قوموا قياماً ؛ وقيل : إنما وحّد لأنه في موضع الوقت بتقدير : ليلاً تهجرون ، وكانوا يسمرون بالليل حول الكعبة .
مطلب : في السمر
وقد اختلف في السَّمَرِ ، فرَوَى شعبة عن أبي المنهال عن أبي بَرْزَة الأسلميّ عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أنه كان يكره النوم قبلها والحديث بعدها " . ورَوَى شعبة عن منصور عن خيثمة عن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا سَمَرَ إِلاّ لرَجُلَيْنِ : مُصَلٍّ أَوْ مُسَافِرٍ " .
وعن ابن عمر أنه كان ينهى عن السمر بعد العشاء . وأما الرخصة فيه فما رَوَى الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال : قال عمر : " كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزال يسمر الليلة عند أبي بكر في الأَمْرِ من أمور المسلمين " ، وكان ابن عباس يسمر بعد العشاء ، وكذلك عمرو بن دينار وأيوب السختياني إلى نصف الليل .