قوله تعالى : { وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لم تطَؤُوها } ، يعني به أرض بني قريظة .
وعلى تأويل من تأوله على بني النضير فالمراد أرض بني النضير .
وقوله تعالى : { وَأَرْضاً لم تَطَؤُوهَا } قال الحسن : " أرض فارس والروم " .
وقال قتادة : " مكة " .
وقال يزيد بن رومان : " خيبر " .
قال أبو بكر : من الناس من يحتج به في أن الأرضين العنوية التي يظهر عليها الإمام يملكها الغانمون ولا يجوز للإمام أن يقرَّ أهلها عليها على أنها ملك لهم ، لقوله : { وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لم تَطَؤُوهَا } ، وظاهره يقتضي إيجاب الملك لهم .
ولا دلالة فيه على ما ذكروا ؛ لأن ظاهر قوله : { وَأَوْرَثَكُمْ } لا يختص بإيجاب الملك دون الظهور والغلبة وثبوت اليد ، ومتى وجد أحد هذه الأشياء فقد صحَّ معنى اللفظ ، قال الله تعالى : { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا } [ فاطر : 32 ] ولم يُرِدْ بذلك الملك .
وأيضاً فلو صح أن المراد الملك كان ذلك في أرض بني قريظة في قوله : { وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ } ، وأما قوله : { وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُوها } فإنه يقتضي أرضاً واحدة لا جميع الأرضين ؛ فإن كان المراد خيبر فقد ملكها المسلمون ، وإن كان المراد أرض فارس والروم لقد ملك المسلمون بعض أرض فارس والروم ، فقد وُجِدَ مقتضى الآية ولا دلالة فيه على أن سبيلهم أن يملكوا جميعها ، إذ كان قوله : { وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُوهَا } لم يتناول إلا أرضاً واحدة ، فلا دلالة فيه على قول المخالف .